في ظل التدهور الاقتصادي الحاد وسياسيات الاقصاء والتهميش الذي تشهده إيران، اضطرت العديد من النساء إلى اتخاذ قرارات قاسية للحفاظ على بقائهن ولقمة عيشهن، وذلك من خلال بيع شعورهن.
إحدى الظواهر المحزنة التي تشهد تزايداً لافتاً في إيران هي بيع النساء شعورهن الطبيعية، ما كان يوماً رمزاً للجمال والهوية الشخصية، أصبح اليوم سلعةً تُباع في أسواق غير منظمة وغير خاضعة للرقابة.
ظاهرة بيع الشعر في إيران
وقد نشرت لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تقريراً خاصاً بهذا الشأن، كاشفةً أبعاد مأساوية لهذه المشكلة المتنامية، والتي تعكس تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وخاصة بين النساء المعيلات والطالبات.
وتشير تقارير صحفية إيرانية إلى انتشار ملصقات إعلانية على جدران المحلات وأعمدة الكهرباء وحتى في مداخل الجامعات، تعلن عن شراء الشعر الطبيعي بأسعار تبدأ من مليوني تومان للشعر القصير، وتصل إلى مائة مليون تومان للشعر الطويل وغير المصبوغ الذي يتجاوز طوله 90 سم.
وتنشط هذه الأسواق غير الرسمية في مناطق وسط طهران مثل شارع فردوسي، وزقاق برلين، منوجهري وجمهوري، حيث يعمل وسطاء بين البائعات وصالونات التجميل مقابل عمولات.
الفقر المدقع، وارتفاع تكاليف المعيشة، والبطالة، جميعها دفعت النساء إلى بيع شعورهن من أجل دفع الإيجار أو شراء الطعام أو حتى تسديد الرسوم الدراسية.
كما أن ظاهرة تمديد الشعر (Extension)، أصبحت رائجة في إيران، ما زاد الطلب على الشعر الطبيعي. ويفضل المشترون الشعر الذي لم يُصبغ ولم يُعالج كيميائياً، لسهولة تصفيفه وتلوينه. كما أن شعر الأطفال تحت سن 16 عاماً يُعتبر أكثر قيمة ويباع بأسعار أعلى، وهو ما يفتح المجال أمام استغلال القاصرات.
البحث عن وسيلة للبقاء
الفساد وسوء الإدارة والعقوبات الدولية، دفعت الاقتصاد الإيراني إلى حافة الانهيار، ومع تجاهل النظام الإيراني احتياجات النساء، واستبعادهن من سوق العمل، بدأت النساء بالبحث عن وسيلة للبقاء، من بيع الشعر إلى أعمال أخرى أكثر خطورة.
وفي ظل صمت ثقافي واسع، تفضل النساء إخفاء حقيقة بيع شعورهن، ويدعين أنهن قمن بقصه لتغيير مظهرهن فقط، خوفًا مما يسمى بـ “الوصمة المجتمعية”. لكن الواقع أكثر قسوة، فوراء كل خصلة شعر مقطوعة، قصة ألم وفقر ومعاناة.
وفي إيران التي تمتلك ثروات طبيعية هائلة، تُجبر النساء على البحث عن سبل العيش، بينما ينشغل النظام الحاكم بالقمع والرقابة، متغاضياً عن هذه المآسي اليومية التي يعيشها نصف المجتمع الإيراني بصمتٍ وكرامةٍ مجروحة.