روناهي/ تل حميس – أكد، الرئيس المشترك لأكاديميات المجتمع الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، “عبد السلام الجاسم”، بأن نهج الأمة الديمقراطية، يمثل الخيار الطبيعي والتاريخي للشعوب، لأنه يستند إلى جذور قديمة كانت الشعوب تمارسها بحرية قبل أن تفرض الدولة القومية هيمنتها وتسلبها هذا الحق، وأشار إلى أن مفهوم الأمة الديمقراطية ليس مجرد فكرة نظرية، بل مشروع عملي يعيد للشعوب دورها الطبيعي في بناء مجتمعاتها، بعيدًا عن سياسات الإقصاء والتهميش.
ففي ظل التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة والعالم، ومع استمرار الهيمنة للدولة القومية، التي فرضت قيوداً على الشعوب، برز نهج الأمة الديمقراطية طريقاً للخلاص من الاستبداد والظلم والتفرقة، ووسيلة للاعتماد عليها في إعادة السلطة للشعوب، وفق رؤية مجتمعية شاملة تضمن التعايش المشترك، والعدالة، والمساواة، والعيش بكرامة.
الأمة الديمقراطية سفينة نجاة الشعوب
ولمعرفة المزيد عن نهج الأمة الديمقراطية، الذي تمارسه الشعوب في المنطقة، التقت صحيفتنا، الرئيس المشترك لأكاديميات المجتمع الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، عبد السلام الجاسم: “الشعوب منذ آلاف السنين كانت تمارس الديمقراطية، بشكل فطري وطبيعي، في إطار مجتمعات تعتمد التعايش والمشاركة الجماعية، حيث لم تكن الديمقراطية مجرد فكرة سياسية، بل أسلوب حياة يقوم على التعاون والمساواة، لكن مع ظهور الدولة القومية، تغيّر هذا النهج، حيث أصبحت الدولة أداة للسيطرة والهيمنة، وسعت إلى فرض مركزيتها على حساب القيم الديمقراطية، التي كانت تحكم حياة الشعوب.”
وتابع: “الدولة القومية، سواء في نسختها الغربية أو العربية، لم تكن سوى وسيلة لتكريس السلطة لصالح النخب، على حساب الشعوب التي عانت التهميش والاضطهاد، هذه الأنظمة استخدمت العنف، والقمع لفرض سيطرتها؛ ما أدى إلى تشويه العلاقات بين الشعوب وإشعال الحروب والنزاعات لتحقيق مصالحها الخاصة”. وأكد الجاسم، على الدور المحوري الذي لعبه القائد عبد الله أوجلان، في إعادة صياغة مفهوم الأمة الديمقراطية، بفكره وفلسفته العميقة، حيث استطاع أن يقدّم رؤية جديدة تعيد للشعوب حقها في تقرير مصيرها، وتنظيم نفسها بعيدًا عن هيمنة السلطة القومية، وأردف: “الأمة الديمقراطية، كما طرحها “القائد عبد الله أوجلان” تمثل النموذج الحقيقي للخلاص من الشوائب والترسبات التي خلفتها الأنظمة السلطوية، إنها رؤية تعيد بناء المجتمعات على أساس الحرية والعدالة، وتمنح الشعوب القدرة على إدارة شؤونها بنفسها”.
واستطرد: “تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تعد نموذجًا حيًا لتطبيق نهج الأمة الديمقراطية، فقد تبنّت الإدارة الذاتية هذا النهج كسفينة نجاة، للخلاص من الديكتاتورية، والأنظمة الحاكمة، التي ارتكبت أبشع الجرائم بحق شعوبها”.
تثبيت قيم التعايش المشترك والسلام
ولفت: “تجربة الإدارة الذاتية، أثبتت أن الشعوب، إذا ما تحررت من قيود الدولة القومية، قادرة على التعايش والتلاحم تحت سقف واحد، فشعوب شمال وشرق سوريا، من كرد، وعرب، وسريان، وغيرهم، تعيش اليوم في ظل “أخوة الشعوب”، التي تمثل لوحة زاهية من التنوع الثقافي والديني، هذه المظلة تعكس قيم التعايش والسلام، وتؤكد أن الشعوب بطبيعتها لا تتصارع، بل تتلاقى من خلال ثقافاتها المشتركة وعاداتها وتقاليدها”.
وأوضح: “هناك قوى ودول، تحاول ضرب النسيج الاجتماعي المتماسك، لأنها ترى فيه تهديدًا لمصالحها السلطوية، هذه القوى تسعى دائمًا لإثارة الفتن بين الشعوب لتحقيق أهدافها، لكنها تواجه مقاومة قوية من المجتمعات التي تبنّت نهج الأمة الديمقراطية، فالأمة الديمقراطية ليست مجرد رؤية محلية، بل مشروع عالمي، يمكن أن يكون مصدر إلهام لجميع الشعوب التي تعاني من القمع والاضطهاد، والشعوب التي أبدت رأيها في هذا النهج، وسعت إلى تطبيقه، وجدت فيه الحل الأمثل لبناء مجتمعات حرة وديمقراطية”.
وأشار: “منذ اليوم الأول للثورة، وتطبيق المشروع في شمال وشرق سوريا، أدرك أهالي المنطقة، بأن الأحداث تدخلت فيها أيدٍ خارجية، غايتها تأجيج الفتنة، ونشر الخراب والدمار في المنطقة. لذلك؛ حافظوا على ممتلكاتهم وثرواتهم الباطنية، بأقل الخسائر الممكنة، وبنوا مؤسساتهم المدنية والعسكرية، وعلى هذا الأساس لم يتم إقصاء أحد بل تم مشاركة الجميع في مفاصل الإدارة الذاتية، وشعوب المنطقة اليوم تدير نفسها بنفسها، بكل اقتدار”. واختتم، “عبد السلام الجاسم “: “الأمة الديمقراطية هي السبيل الوحيد للخلاص من الحروب والديكتاتوريات، وهي تمثل أمل الشعوب في بناء مستقبل قائم على العدالة والمساواة، حيث يمكن لجميع الشعوب والمكونات، العيش معًا بسلام واحترام متبادل، ونحن في شمال وشرق سوريا، أثبتنا أن هذا النهج هو مفتاح النجاح، إذا أردنا مستقبلًا خالياً من الصراعات، فعلينا السير على نهج الأمة الديمقراطية، الذي يعيد للشعوب حريتها وكرامتها”.