رهام فرحات
يظهر للعلن، أن نساء السويداء متحررات ومتعلمات وقرارهن بأيديهن، لكن الواقع يصرخ بصوت يناقض هذا التصور. فعند أول اختبار حقيقي لحريتهن، تظهر أصوات وتتعالى بوجوب التزام المرأة بيتها، وليس هذا فحسب، بل انتقاد وتجريم الرجال الذين “سمحوا لهن” بالخروج.
إن كنَ يمارسن السياسة، بالوضع الطبيعي هذا من حقهن، لكن يا ويلهن إن اُعتقلنَ، أو وضعت أسماؤهن من حكومات مصادرة للآراء على لوائح “المطلوبين”، عندها يضطررن أن يتحملن لوم المجتمع من جهة وظلم الحكومات من جهة أخرى، ويتحولن فجأة من بشر يطالبن بحقوقهن الطبيعية، لممر يصب به شرف “القبيلة” التي تتوارى وتظهر حسب الظروف.
فهن مضطرات أن يحملن على عاتقهن كل المخاوف، التي تصدح بها رؤوس الرجال، ليحرمن من تعليمهن دون الأخذ بأي اعتبار لرأيهن، ويسلبن حريتهن بالتعبير، حتى قد يصل الأمر لحرمانهن الخروج من المنزل، ضاربين بأي شعور بأنفسهن عرض الحائط، وتصبح شجاعتهن التي يتفاخرن بها بكل بساطة وضمير حي، عنواناً للتمرد ورفض الطاعة لمن هم أعلم بمصلحتهن. فعقل المرأة بعد كل شيء قاصر حتى عن استشعار المخاطر، وبعد النظر الذي يتحلى به عقل الرجل الراجح!
وعند هذه المفارقة، نقف لنحلل لماذا هذه الحرية المعطوبة التي يستحيل أن تحصل المرأة عليها إلا بوجود رجل “منفتح” يقبل بأن يقحم “امرأته” بمعتركات الرجال، ثم يكون عرضة للنقد واللوم وحتى الإقصاء إن حدث لها أي مكروه قد يحصل.
وكأنها مهما حصلت على مراتب ومكتسبات، تبقى غير مسؤولة عن عملها، والمسؤول الوحيد هو رجلها سواء كان أبا أو أخا أو زوجا.. وهنا يكون جل تعويلنا على مدى قدرة ذلك الرجل على الاحتمال، قبل أن ينفجر بوجهها سالباً إياها كل شيء “وهبها” إياه سابقاً.
يعود بنا هذا الحال، لنعالج الذهنية الذكورية المتجذرة بالمجتمع، ورؤية المرأة مهما كانت تابعاً لأقرب ذكر من عائلتها، ووجوب تخليص الناس من قوالب دنيئة تدفع المرأة دفعاً للبقاء بوضعية الثائرة على كل هذا الفكر المنخور.