د. علي أبو الخير
في زيارة عائلية للقائد عبد الله أوجلان، وهي الزيارة الأولى منذ 43 شهراً، في بادرة محبة وأُنس وسلام نفسي؛ حدث في لقاء عائلي، ارتبطت فيه روح العاطفة الأسرية بالوعي السياسي من قِبل القائد عبد الله أوجلان، وانتقلت الروح الإيجابية للزائرين وللمتابعين من بعيد أيضاً من أمثالنا، وحسب وكالات الإعلام المختلفة والمواقع الإلكترونية؛ فقد التقى القائد وراء أسوار السجن الظالم، التقى بشقيقه محمد أوجلان وابن أخيه عمر أوجلان، وشقيقة المعتقل ويسي أكتاش، صبيحة أصلان، وشقيقي عمر خيري كونار، وعلي كونار، وشقيق هاميلي يلدريم، بولات يلدريم، وقد وصلوا إلى إمرالي في وقتٍ مبكر من صباح يوم العيد الموافق يوم ٣٠ نيسان ٢٠٢٥ وهو يوم المسموح به لزيارة المعتقلين بمناسبة عيد الفطر المبارك؛ ولقد استمرت الزيارة مدة ساعتين، وشارك النائب عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، وابن شقيق القائد عبد الله أوجلان عمر أوجلان، الذي حمل رسالة القائد إلى الأمة الكردية وكل شعوب المنطقة.
وقال القائد أوجلان لهم ولنا: “أحيي احتضان شعبنا لدعوة السلام والمجتمع الديمقراطي بحماسٍ كبير، وأقدم التهنئة للأمة الكردية والإسلامية بمناسبة عيد نوروز، وعيد الفطر؛ وأنه وخلال هذه الفترة التي تشهد تطورات هامة في تركيا والشرق الأوسط، ندعو للسلام لشعوب المنطقة”.
كما نرى هي كلمات قليلة ولكنها عميقة شاملة في محتواها، وفي صدقها، وهي رؤية رجل سلام لا يوجد له نظير، ونرشحه لجائزة نوبل للسلام كما كتبنا من قبل، لأنه يكرر نماذج المهاتما غاندي ونيلسون مانديلا وغيرهم من ثوار عالميين أسسوا دول ونماذج سلميّة خالدة.
هذا وقد طالب عمر أوجلان بـاستمرار الزيارات العائلية الروتينية، وهي حق قانوني أصيل، مهما كانت الظروف، خاصةً وإن محاميي القائد لم يتمكنوا من زيارته من شهر آب 2019، وهو إجراء غير قانوني، بل هو أمر تعسفي معروف عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لا تصدق نواياه، كما لو كان يحمل حقداً شخصياً ضد القائد أوجلان، وضد الكرد بصفة عمومية، ليس كرد تركيا وحدها، ولكن الكرد حيثما وجِدوا، وما يؤيد وجهة نظرنا أنه يقتل الكرد في سوريا والعراق، ويتهم الجميع بالإرهاب، وفي الوقت نفسه؛ يحمي الإرهابيين ويأويهم، في الوقت الذي لم يدافع عن فلسطين، ولا ذراً للرماد في العيون.
رؤية أوجلانية متجددة نحو السلمية العالمية
نعود لنؤكد أن أفكار القائد عبد الله أوجلان هي امتداد لمشروعه الفكر الإصلاحي، وإن الحقيقة الواضحة هي أن القائد أوجلان دعا ومازال يدعو للسلام؛ ترك السلاح ليتفرغ لنضال سياسي وفكري نبيل ممتد؛ وشرح وهو داخل سجنه كيف يمكن للبشرية أن تعيش سلامها بنفسها؛ سلام داخل كل دولة؛ وبين الشعوب المجاورة والبعيدة على السواء.
لقد أطلق المفكر عبد الله أوجلان رؤيته ومبادراته السلمية لمنع الحروب وإشاعة السلام؛ وهي رؤية تقوم على التعددية الدينية والسياسية والعرقية؛ الكل يعيش داخل أمة واحدة ديمقراطية، متنوعة الأعراق والأديان؛ وهذا يحرس التمايز بين البشر؛ الذين يمثلون كل الناس في إطار الأمة، ويؤكد القائد أوجلان – كما ذكرنا من قبل – في كل كتبه ومقالاته المتعددة والمتنوعة؛ بأن الحرب والسلام ضدان لا يجتمعان؛ ويرى إنه من الضروري أن يكون الدين وسيلة إيمانية تمنع سبب أي حرب؛ وهذا يتطلب الفهم السلمي للأديان كلها؛ بعيداً عن تصورات وتفاسير رجال الأديان، أو الكهنوت بصورةٍ أكثر وضوحاً، أي إصلاح الخطاب الديني بصورةٍ كاملة، عند كل الأديان، وهي فكرة مثالية حالمة، ولكن تغيير الواقع يحتاج لأحلام تنظر للمستقبل بأمل الإنسانية في منع الحروب.
نعم هناك حاجة مُلحّة لشعوب العالم إلى السلام الحقيقي المبني وفق أسس الديمقراطية واحترام وتقبّل الآخر، فلا طريق إلى الأمن والاستقرار العالمي سوى بفكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان وحريته الجسدية؛ لأنه أسّس للسلام العالمي ورسم طريقه الذي يبدأ بأخوّة الشعوب وتكاتفها في وجه الصراعات.