أكرم بركات
جرى لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووفد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، المعروف بوفد إيمرالي، وهذا اللقاء كان جزءاً من جهود الحوار والسلام التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان، ووصف الحزب اللقاء بأنه إيجابي ومثمر، حيث تم تبادل وجهات النظر والمقترحات في جو من التفاهم والتفاؤل بشأن المستقبل.
اللقاء يعكس الرغبة في تعزيز الحوار بين الأطراف المختلفة في تركيا، وجاء بعد سلسلة لقاءات مع القوى والأحزاب والكيانات في تركيا ومع قوى وكيانات سياسية وحزبية في جنوب كردستان.
هذا وأطلق القائد عبد الله أوجلان عبد الله أوجلان نداءً في 27 شباط، بعد سلسلة لقاءات جرت بينهم وبين وفد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب والذي اجتمع وأرسل رسائل باسم القائد للعديد من القوى والأحزاب السياسية والتنظيمات المجتمعية الرسمية والحكومية في تركيا وشمال كردستان وحزب العمال الكردستاني وجنوب كردستان.
إن النداء الذي أطلقه القائد عبد الله أوجلان من أجل السلام والحوار لاقى اهتماماً كبيراً على المستوى الدولي. والرسالة التي دعا فيها إلى نزع السلاح وبناء مجتمع ديمقراطي، حظي بترحيبٍ واسع من قبل الحكومات الكبرى، والقوى الديمقراطية، والمنظمات الحقوقية، بما في ذلك الأمم المتحدة، التي عدّتها فرصة لإنهاء النزاعات وتحقيق السلام والاستقرار.
كما أن النداء أثّر بشكلٍ إيجابي على النقاشات السياسية والاجتماعية، حيث يُنظر إليها كخطوةٍ نحو بناء خريطة اجتماعية جديدة قائمة على أسس الديمقراطية والتعاون بين الشعوب، ومن المرتقب أن تُحدث تغييراً ملموساً في المنطقة.
والنقطة الأكثر أهمية لربما هي أن فكر القائد عبد الله أوجلان حول قضية تحرير المرأة وحقوق الشعوب المضطهدة، يُعدُّ نموذجاً عالمياً للتغيير الاجتماعي والسياسي، حيث تم تسليط الضوء على أهمية بناء أساس اجتماعي واقتصادي يضمن التعبير الحر عن الهويات وتمكين الفئات المجتمعية المختلفة.
النداء فرصة لإعادة تشكيل السياسات البينية
يحمل نداء القائد عبد الله أوجلان للسلام والحوار تأثيراتٍ كبيرة على تركيا، وسوريا، والعراق وإيران؛ في تركيا، يُنظر إلى هذا النداء كفرصةٍ لإعادة تشكيل السياسة الداخلية والخارجية، وتعزيز العلاقات مع الكرد في المنطقة. كما يمكن أن يُسهم في تحسين الاقتصاد التركي من خلال مشاريع إقليمية مشتركة مع العراق وسوريا، مثل مخطط طريق التنمية.
أما في سوريا، فقد فتح النداء آفاقاً جديدة للكرد والقوى الديمقراطية، خاصةً بعد الاتفاق بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ورئيس سلطة دمشق أحمد الشرع، ويُعدُّ خطوةً نحو تغيير جذري في الوضع الكردي والقوى الديمقراطية داخل سوريا، ما قد يؤدي إلى تهدئة النزاعات وتحقيق الاستقرار.
وفي العراق، يُنظر إلى النداء كفرصةٍ لتعزيز التعاون بين الحكومة العراقية والقوى الكردية، خاصةً في مناطق جنوب كردستان. أما في إيران، فإن تأثير النداء يعتمد على مدى استجابة الحكومة الإيرانية للمطالب الكردية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تحسين العلاقات بين الكرد والحكومة الإيرانية إذا تم تبنّي نهج أكثر انفتاحاً تجاه حقوق الكرد.
بالعودة إلى تركيا والخطوات المطلوبة منها في الوقت الراهن، حيث إن تركيا تواجه فرصة تاريخية للاستجابة لنداء القائد عبد الله أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي، ويُطلب منها القيام بعدة خطوات ملموسة تشمل:
أولاً: إيقاف تركيا الهجمات على المناطق الكرديّة، سواء داخل حدودها أو في سوريا والعراق، كبادرةٍ وإشارة إلى نيتها الجادة في تحقيق السلام.
وثانياً: إطلاق سراح القائد عبد الله أوجلان لضمان نجاح العملية السلمية، حيث يمكن للقائد أن يلعب دوراً محورياً في قيادة الحوار.
وثالثاً: يجب أن تعمل تركيا على فتح قنوات للحوار مع الأحزاب الكردية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني، بهدف تحقيق توافق سياسي شامل. كما ينبغي أن تتبنى تركيا إصلاحات تضمن حقوق الكرد وتعزز الديمقراطية، مما يُسهِم في بناء مجتمع متماسك ومتعدد الثقافات.