هيفيدار خالد
بعدَ سقوط النظام السوري وسيطرةِ هيئة تحرير الشام على السلطة في البلاد، تحولت سوريا إلى ساحة تنفِّذ فيها القوى الإقليمية والدولية أجندتها الرئيسية، وبرز العديدُ من اللاعبين في الميدانين السياسي والعسكري؛ مستغلين حالةَ الفوضى وعدمَ الاستقرار التي تشهدها المنطقة عموماً.
إسرائيلُ تحاول توسيع نفوذها في الجنوب السوري، وروسيا تسعى للحفاظ على قواعدها العسكرية في الساحل السوري، أما الدولةُ التركية التي تحتلُّ مناطقَ واسعةً من سوريا، وترتكب انتهاكاتٍ جسيمةً بشكلٍ يومي بحق السكان الأصليين، تحاول توسيعَ رقعة نفوذها أكثر فأكثر، وعلى الرغم من التصريحات المتبادلة بين كلٍّ من إسرائيل وتركيا بخصوص نفوذهما بالبلاد في الآونة الأخيرة، إلا أننا لم نشهد أي تحرك حقيقي يُذكر على الأرض، من ناحية الوقوف في وجه الأطماع التركية في المنطقة ومحاولاتها المستمرة من أجل تحويل سوريا إلى ولاية تركيّة تأكل كل خيراتها.
بعضُ القوى الإقليمية والدولية في الوقت الحالي في حال صراع إن صحَّ التعبير لتقسيم البلاد والحصول على حصتها من الكعكة السوريّة، والبعض الآخر في حالة صدام دائم إعلامياً، من أجل حماية نفوذها ومصالحها، لذا الكل في سباق مع الزمن من أجل توسيع رقعة نفوذه، وتأتي الدولة التركية المحتلة التي تستهدف السيادة السورية بشكلٍ مستمر على رأس هذه الدول.
لذا تواجهُ الإدارة السورية المؤقتة في دمشق تحدياتٍ كبيرةً، وتحاول بشتى الطرق والأساليب مواجهة هذه التحديات بأقلِّ الخسائر، إلا أن الفصائل المسلحة التي اندمجت في ما يُسمى وزارة الدفاع التابعة لها، تشكل مصدر الخطر والقلق بالنسبة لها، خاصةً المرتزقة الأجانب الذين ارتكبوا مجازر كبيرة بحق العلويين في الساحل السوري، بالإضافة إلى تشكيلة الحكومة التي أثارت موجةً كبيرة من الغضب والاستياء في الشارع السوري في الفترة الأخيرة.
بالإضافة إلى العديد من الملفات الأخرى التي تهدد بقاء الإدارة بوضعها الحالي، منها التصريحات الأمريكية والغربية بخصوص بعثتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة. ودعواتها لسلطة دمشق بحماية جميع المكونات السوريّة الدينية والعراقية، الأمر الذي لا تستطيع الإدارة الجديدة القيام به على الأقل في الوقت الحالي، لذا من الصعب التكهن بمآلات الأمور في الوقت الحالي ففي سوريا وإلى أين تتجه البلاد، وما المصير الذي ينتظر الشعب السوري؟
إذا لم تقُم الإدارة الجديدة في سوريا بتلبية الوعود التي قطعتها للمجتمع الدولي والشعب السوري، لا تستطيع تحقيق الأمن والأمان والاستقرار وكسب ثقة المجتمع الدولي، فما زال ملف مجازر الساحل يلاحقها بالإضافة إلى سلسلة القوانين والتشريعات التي تصدرها بين الفينة والأخرى والإعلان السوري الذي يُشكل هاجساً كبيراً لمكونات الشعب السوري والعديد من القضايا العالقة التي تنتظر الحل الجذري.
تحقيق سوريا حياة حرة وديمقراطية يسودها الأمن والأمان يمرُّ من تلبية متطلبات أبناء الشعب السوري والاعتراف بإرادتهم ودورهم الحيوي في الوصول بسوريا إلى بر الأمان.
لا نستطيع التحدث عن سوريا ديمقراطية تعددية، ما لم تضم الإدارة الجديدة جميع أطياف الشعب السوري تحت كنفها دون تمييز أو إقصاء.