دلبرين بطال
رغم مرور سنوات على إعلان هزيمة “داعش” جغرافيًا في سوريا، لا تزال خلاياه تشكل تهديدًا أمنيًا حقيقيًا، خاصة على مناطق شمال وشرق سوريا، حيث يستغل داعش، حالة الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة منذ بداية الأزمة السورية، ويقوم بين الحين والآخر القيام بهجمات في مناطق البادية، ومحيط دير الزور، وبعض جيوب الريف الشمالي لرقة.
في الأشهر الأخيرة، شهدت مناطق شمال وشرق سوريا، وخاصة المناطق التي ذكرناه آنفاً، زيادة ملحوظة في نشاط الخلايا النائمة لداعش، ووفقًا لتقارير ميدانية، تم تسجيل العديد من الهجمات استهدفت قوات الأمن، والمدنيين، على حد سواء، وأدى إلى استشهاد البعض منهم، وتدمير البنية التحتية.
كما تُشكّل عائلات مرتزقة داعش في مخيمات إقليم شمال وشرق سوريا، كالهول، تحديًا إنسانيًا وأمنيًا كبيرًا، ومن المعلوم أن مخيم الهول يضم 50,000 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، هذا المخيم يعدُّ “قنبلة موقوتة”، نظرًا لانتشار الفكر المتطرف بين قاطنيه، ويعيش الأطفال في المخيمات في ظروف غير ملائمة، حيث يتم تدريبهم على الأفكار المتطرفة، من أمهاتهم.
ولحل جزء من المشكلة، بدأت بعض الدول في إعادة مواطنيها من عائلات داعش المحتجزة في المخيمات، في حزيران 2023 بدأت السلطات العراقية بنقل عوائل المرتزقة من إقليم شمال وشرق سوريا إلى العراق، تم نقل العائلات إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى، لإعادة التأهيل قبل إعادة دمجهم في المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، صرّح قاسم الأعرجي، مستشار الأمن القومي العراقي، في تشرين الثاني الماضي، أن العراق أعاد توطين أكثر من 2,600 عائلة من مخيم الهول، إلى مخيم الجدعة، حيث خضعوا لبرامج إعادة تأهيل قبل إعادتهم إلى مجتمعاتهم الأصلية، وأشار إلى أن 8,000 شخص تم دمجهم في المجتمع بنجاح.
على الرغم من هذه الجهود الحثيثة تلك، لا تزال المخاوف قائمة، بشأن إمكانية إعادة تجميع صفوف داعش، وهناك تحذيرات بأن مرتزقة داعش، تسعى لتجميع صفوفهما، والقيام بهجمات أخرى؛ ما يشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا على المنطقة.
في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة الملحة لدعم دولي للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، سواء من خلال تقديم الدعم اللوجستي والأمني، أو عبر المساهمة في تحسين الأوضاع في المخيمات، وهناك أهمية لتفعيل آليات محاسبة عادلة لعناصر داعش المحتجزين في إقليم شمال وشرق سوريا، عبر محاكمة وتحت إشراف دولي، وإيجاد حلول لعائلاتهم أيضاً، خاصة الأطفال الذين وُلدوا في ظل هذا الفكر المتطرف.
إن القضاء على فكر داعش المتطرف، يتطلب جهدًا مشتركًا ومستمرًا، لا يقتصر فقط على العمليات العسكرية، بل يشمل أيضًا جهودًا فكرية، وثقافية، وتعليمية، تهدف إلى نشر قيم التسامح والتعايش السلمي، وتعزيز الوعي المجتمعي حول مخاطر الفكر المتطرف وسبل مواجهته.