قامشلو/ ملاك علي – في ظل التحولات السياسية والعسكرية التي شهدها إقليم شمال وشرق سوريا، برز دور المرأة منذ 14 عاماً، عنصراً أساسياً في مجال الحماية والدفاع عن ذاتها، هذا وأوضحت القيادية في وحدات حماية المرأة “نسرين عبد الله” أن المرأة الكردية لم تكن يوماً على هامش الأحداث، بل حملت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن الأرض والهوية. فتحولت وحدات حماية المرأة مظلة تضم النساء من الشعوب كافة.
مع انطلاق ثورة روج آفا، وجدت المرأة الكردية نفسها أمام مسؤوليةتاريخية تتطلب منها إعادة تعريف دورها في المجتمع، ليس فقط كفاعل اجتماعي، بل أيضاً كمدافعة عن الأرض والهوية، من هنا، نشأت وحدات حماية المرأة (YPJ)، التي أُسِّست في الرابع من نيسان عام 2013، وأصبحت خلال سنوات قليلة نموذجاً عالمياً للمقاومة النسائية، متجاوزة الأدوار التقليدية المفروضة على المرأة في المجتمعات الشرق أوسطية.
لعبت وحدات حماية المرأة دوراً طليعياً في حماية المنطقة من مرتزقة داعش ودولة الاحتلال التركي حتى باتت أيقونة للسلام، ومثالاً يحتذى به في المقاومة والفداء والتضحية ليس في سوريا فقط، إنما في أنحاء العالم.
هوية جامعة للنساء
وفي لقاء خاص، لصحيفتنا “روناهي”، أكدت القيادية في وحدات حماية المرأة “نسرين عبد الله”، أن نهج الحماية الجوهرية ظهر لدى المرأة الكردية مع انطلاق ثورة روج آفا، حيث كانت الحماية الذاتية أحد الأسس الرئيسية، التي قامت عليها، وأوضحت أن المرأة نظمت نفسها على هذا الأساس، وتحملت مسؤولية الدفاع والحماية، مما جعلها تحقق نجاحات ملموسة في هذا المجال.
وأشارت إلى: “إن المرأة الكردية أدركت منذ البداية ضرورة التنظيم القائم على الحماية والدفاع، ما دفعها إلى تأسيس وحدات حماية المرأة، التي أصبحت هوية جامعة للنساء في إقليم شمال وشرق سوريا، وخلال 12 عاماً، أثبتت المرأة وجودها في المجال الدفاعي، ولم تتخلَّ عن دورها في الحماية، لا سيما في ظل المرحلة الحالية التي تتطلب الدفاع عن الهوية والوجود”.
واعتبرت أن الكونفرانس الأخير لوحدات حماية المرأة مثل محطة هامة لتعزيز الحماية والدفاع، حيث شكل تكاتف النساء ووحدة رؤيتهن، التي كانت حماية بحد ذاتها، وأضافت: “إن أحد المحاور الأساسية، التي تمت مناقشتها في الكونفرانس التأسيسي لوحدات حماية المرأة عام 2013 هو تعزيز الوحدة الوطنية وتكاتف السوريين، مع التأكيد على أن النضال من أجل المرأة يجب أن يكون موحداً، بغض النظر عن الانتماء القومي، ليشمل الكرديات، والعربيات، والسريانيات”.
سنوات من الدفاع والتضحيات
ولفتت القيادية “نسرين عبد الله” إلى أن تعرض المرأة والمجتمع والأرض في إقليم شمال وشرق سوريا لهجمات مستمرة من أطراف عدة، وعلى رأسها الاحتلال التركي ومرتزقة داعش، قد مكّن المرأة من التصدي لهذه التهديدات، خاصة أن داعش استهدف المرأة بشكل مباشر وحاربها بالوسائل كافة: “إن الانتصار على داعش لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل كان نضالاً فكرياً وأيديولوجياً، حيث استطاعت المرأة من خلاله حماية هويتها السورية، وترسيخ نضالها ضمن الإطار العالمي لتحرر المرأة”.
وأوضحت، أن وحدات حماية المرأة اليوم تجسد وجودها الفعلي على الأرض للتضحيات، التي قدمتها على مدار السنوات الماضية: “إن هذا النضال كان ملهماً للنساء في المنطقة، وإن وحدات حماية المرأة تسعى لتكون رائدات في الوحدة الكردية، وإن التكاتف الذي تحقق داخل صفوفنا كان مثالاً يُحتذى به”.
تقوية التنظيم النسوي والحماية الجوهرية
وفيما يتعلق بالتطورات السياسية في سوريا: “إن المرحلة الحالية تشهد تحديات كبيرة، إذ تحاول السلطة الجديدة تهميش دور المرأة وإقصاءها من المشهد السياسي، وهو يعد إنكاراً لحقيقة المجتمع السوري، حيث تمثل المرأة جزءاً أساسياً منه، والدستور الجديد دستور ذكوري، ويسعى إلى إظهار المرأة ككيان بيولوجي فقط، مع طمس دورها الحقيقي وتاريخها النضالي”.
ونوهت: “إن المرأة الكردية تناضل منذ 14عاماً وستواصل هذا النضال لضمان نجاح الثورة وحماية هوية المرأة السورية”.
كما تطرقت إلى شعار “المرأة، الحياة، الحرية”، الذي استمدته الحركة النسوية من فلسفة القائد عبد الله أوجلان: “إن فلسفة “المرأة، الحياة، الحرية”، أصبح مبدأً عالمياً لنضال النساء، حيث لا يمكن فصل المرأة عن الحياة بأي شكل، ولا يمكن تحقيق الحرية إلا بتحرر المرأة”.