رفيق إبراهيم
تسلم الرئيس الأمريكي القديم – الجديد، دونالد ترامب، مقاليد الرئاسة في البيت الأبيض في كانون الثاني الماضي، وبكل تأكيد أن الأوضاع في الشرق الأوسط سيكون في صلب سياسته القادمة، لأن الشرق الأوسط وكما هو معروف يعدُّ مركزاً للصراعات والحروب والتجاذبات والتوازنات الدولية المعقدة، هذا بالإضافة لقضايا مصيرية أخرى، سيشغل حيزاً من سياسة ترامب الخارجية، وستصب سياسة ترامب الخارجية في تحقيق المصالح الأمريكية، على مبدأ “أمريكا أولاً”، من خلال تعزيز التحالفات الاستراتيجية والاقتصادية مع دول المنطقة، وأيضاً توجيه ضغوط مباشرة على ما يسميه أعداء أمريكا.
استراتيجيات ترامب في الشرق الأوسط
وفيما يتعلق بدول الخليج في المنطقة، ستكون هذه الدول ضمن استراتيجيات ترامب، وستبقى العلاقة بين الولايات المتحدة وهذه الدول، في صلب السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بالطبع بما يخدم المصالح الأمريكية العليا، كما ستبقى في واجة السياسية الأمريكية في المنطقة، محاربة توسع النفوذ الإيراني وبتقديم السلاح لحلفائه في الخليج، ومواجهة المد الإيراني، التي تصفه الولايات المتحدة بالخطير، وأيضاً سيكون من أولويات ترامب قطع يد المجموعات التابعة لإيران، في العراق، وسوريا، واليمن.
ترامب يعدُّ إيران وسياستها في المنطقة من أكبر التحديات التي تواجه سياساته. لذا؛ سيعمل على سياسة فرض المزيد من العقوبات التي ستستهدف بالدرجة الأولى الاقتصاد الإيراني، وعلى رأسها تلك المؤسسات التي تقدم الدعم المباشر لبرنامج إيران النووي، وقد يكون قطاع النفط هو الأهم في هذا السياق، كما سيعمل ترامب على المزيد من فرض العزلة الإقليمية والدولية، على طهران، سياسياً وعسكرياً، وقد يعزز القوات الأمريكية المتواجدة في الخليج، لضمان أمن ومصالح الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية أمن حلفائه.
وعلى الرغم من كثرة الخلافات بين ترامب وقادة إيران، إلا أنه قد يكون هناك مبادرات لفتح القنوات الدبلوماسية، للتفاوض حول الكثير من القضايا العالقة بين الطرفين، وخاصةً في مسألة النووي الإيراني، حيث يحاول ترامب إيجاد صيغة جديدة لاتفاق جديد، يصب في تعديل بنود الاتفاق النووي السابق، وترامب سيكون أكثر صرامةً تجاه ضرورة تغيير بنود الاتفاق النووي، وإصرار إيران على موقفها سيعقد الأمور بشكل أكبر بين الجانبين، ما سيؤثر على الأوضاع في المنطقة بشكل كبير.
السياسة الأمريكية، تجاه إسرائيل لن تتغير، بل على العكس تماماً، ستزداد بين الجانبين، في القضايا التي تهم الجانبين، والدعم الأمريكي لإسرائيل سيزداد في العديد من المجالات، وعلى رأسها عسكرياً واستخباراتياً واقتصادياً، لن يقف دعم ترامب لإسرائيل عند هذا الحد، بل سيكون له دور كبير على تغيير المواقف الدولية تجاه ما يحدث بين إسرائيل وحماس، بالوقوف إلى جانب إسرائيل ودعمها.
التطبيع مع إسرائيل أولوية أمريكية
ومن خلال ولايته الثانية سيحاول ترامب، توقيع اتفاقيات التطبيع بين عدد من الدول العربية وإسرائيل، ليبدو وكأنه بطل للسلام، وقد تبدأ المحاولات مع السعودية الدولة الخليجية الأكبر، والأكثر دوراً في المنطقة والشرق الأوسط، وأيضا على مستوى العالم، وهو يعلم بأنه إن حدث ذلك، سيتم تعزيز مكانة أمريكا في المنطقة والعالم، وخاصة أن ترامب يضع نصب عينه الاستثمارات الاقتصادية الكبيرة في الخليج والشرق الأوسط، ما ستجني أمريكا الكثير من الأموال التي تساهم في دعم سياسة ترامب داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المواضيع الهامة التي ستشغل سياسة ترامب في الشرق الأوسط، محاربة الإرهاب، حيث أن منطقة الشرق الأوسط، وخاصةً سوريا والعراق، من أكثر المناطق خطورةً لتواجد داعش حتى الآن، وأمريكا حققت مع شركائها في المنطقة، وخاصة مع قوات سوريا الديمقراطية، نجاحات كبيرة، إلا أن خطر داعش لا يزال قائمًا، لوجود عشرات الآلاف منهم في سجون الإدارة الذاتية، وهؤلاء يشكلون خطراً للمنطقة والعالم، ما لم يتم العمل على إيجاد حل نهائي لهؤلاء، ومن الحلول لهذه المشكلة، على ترامب الضغط على تركيا الداعمة الأساسية لداعش، كما أكدت الكثير من الوثائق.
وعلى عكس ما توقعه العديد من المحللين والمراقبين لشأن المنطقة، بأن الولايات المتحدة قد تسحب قواتها من سوريا والعراق. ولكن، باعتقادي، أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لها وارد بسحب قواتها من البلدين، بل من المتوقع أن تعزز تواجدها العسكري في سوريا والعراق، لأن التهديدات الإرهابية تزداد يوماً بعد يوم، وفي سوريا سيتم دعم قوات سوريا الديمقراطية بشكل أكبر، لمكافحة الإرهاب، والتخلص منه.