نوروز السلام والحرية
يصادف 21 آذار عيد النوروز، وهو عيدٌ يحتفل به الكرد وغالبية شعوب المنطقة منذ 2637 عاماً، في يوم يرمز إلى الانعتاق من الظلم ونيل الشعوب حريتها.
فكلمة “نوروز” مؤلفة من شقين: “نو” تعني “الجديد”، و”روز” تعني “اليوم”، ليشكلا معاً “نوروز” (اليوم الجديد).
في هذا اليوم، تتجدد الطبيعة وتنثر دفئها بعد شتاءٍ قاسٍ، ويعبّر عن الخلاص من الظلم والعبودية والاستبداد، حيث تبدأ الحياة في أجواءٍ ربيعية مبهجة، خالية من القهر والقتل والدماء، وتزهر فيه بذور الأمل بغدٍ أفضل وأجمل، تفوح منه رائحة الحرية والمرح والسرور.
تُعدّ النار رمزاً لهذا العيد، حيث إنها كانت الإشارة الأولى للناس على موت الشر على يد البطل “كاوا الحداد”، عندما أشعل النار على قمة الجبل معلناً نهاية الطاغية الظالم.
كان هذا النار إشارةً لمقاتليه على قمم الجبال الأخرى ليشعلوا بدورهم النيران، فتمتدّ الإشارة إلى الجميع، مبشّرة بالخلاص من الظلم ونهاية الظلام والشر، وبداية النور والخير، وفي أوج انتظارهم، تعالت ألسنة النار فوق قمم الجبال، مبشّرة بموت السفاح قاتل الشبان اليافعين، وببدء يومٍ جديد.
في الليلة التالية، خرج الناس جميعاً حاملين المشاعل، ابتهاجاً بموت الطاغية في ليلة 20 آذار، وتجمعوا حول النار احتفالاً بفرحهم، وفي صباح 21 آذار، امتدت خيوط الشمس بنورها ودفئها بعد شتاءٍ قارس، فاحتفل الجميع بالانتصار، مع بشائر الحياة الجديدة في أجواءٍ من العدالة والسلام.
يحمل هذا العيد طابعاً كردياً بالدرجة الأولى، إذ إنه يمثل أول ثورة للكرد ضد الظلم والقمع والاستبداد والقتل. يحتفل به أكثر من 300 مليون نسمة من الشعوب حول العالم، ويتميز بأنه عيدٌ يعبر عن الانتصار والعدالة والأخوة والمحبة والسلام، وفي عام 2009، أدرجت اليونسكو عيد النوروز في قائمة التراث الثقافي، واعتبرته عيداً عالمياً، كونه فعالية ثقافية غير مادية توحّد الشعوب، وتغنّى به عدد من الشعراء العرب والكرد وغيرهم… كان لنوروز 2025 طابعٌ مميز ومؤثر على شعوب العالم أجمع، خاصة بعد رسائل السلام المنبعثة من إمرالي، التي دعت إلى إسكات صوت السلاح، والبدء بمرحلة نضالية جديدة تسعى لإرساء السلام، مع بوادر سماع أخبار عن وحدة الصف الكردي، وجاء توقيع اتفاق العاشر من آذار بين الجنرال مظلوم عبدي، ورئيس سلطة دمشق أحمد الشرع، ليكون بذلك أملاً وربيعاً مختلفاً عن سابقيه، تتجدد فيه الحياة بعد عسرٍ طويل مرير عاناه الشعب الكردي وشعوب الشرق الأوسط لعقودٍ طويلة ، حيث توافدت الناس إلى ساحة نوروز من كل حدبٍ وصوب، بعيونٍ ترنو إلى العيش في سلامٍ وأمان، بعد كل ما عاناه هذا الشعب المكلوم على مدار عقودٍ من الظلم والتهميش والإقصاء.
وقد تميز نوروز هذا العام بالتنوع الكبير في الحضور، حيث ضمّ مختلف مكونات وشرائح المجتمع، وكان للفلكلور الكردي حضورٌ بارز، خاصة بين جيل الشباب، بعدما كان مصدراً للتنمر والذمّ من أعداء الكرد، الذين اعتبروا هويته وثقافته خطراً عليهم في ظل نظام البعث البائد، واليوم، يفتخر الكرد بارتدائهم الملابس الفلكلورية، التي تشعرهم بالفخر والاعتزاز بانتمائهم القومي.