حسن محمد علي: “المنطقة الآمنة حجة تركيا لاحتلال الشمال السوري”

حاوره/ حسام اسماعيل –

مجلس سوريا الديمقراطية منفتح على الحوار للوصول إلى حل للأزمة السورية. ولكن؛ هذا الأمر ليس على حساب المكتسبات التي تم تحقيقها في مناطق شمال وشرق سوريا، وتركيا تحاول أن تأزم الوضع وتصعّده تجاه مناطق شمال وشرق سوريا، من خلال أسلوبها العدائي والاحتلالي تجاه شعوب المنطقة.

هذا ما صرح به عضو الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية حسن محمد خلال الحوار التي أجرته معه صحيفتنا.

وهذا نص الحوار:

ـ كيف ترون التطورات الميدانية والسياسية على الساحة السورية، وهل الأزمة السورية تتجه إلى منحنى جديد؟

مرحلة الصراع بين القوى السورية وصلت إلى نهايتها، وبدأت الآن مرحلة الصراع السياسي والقوى المتدخلة في الصراع؛ الدول الإقليمية والعالمية، وكما أكدنا على أن الصراع في المرحلة المقبلة سيكون الصراع السياسي بين القوى التي حققت الإنجازات على الأرض، إذا لم تكن هنالك تغيرات بين هذه القوى؛ سيكتسب تدخل تلك الدول شريعة في المستقبل القريب من خلال المفاوضات. لذلك؛ فإنَّ القوى التي لم تُحقق مصالح ما من خلال الصراع السوري تُحاول أن تتدخل، وتُأزم الوضع بغيَّة الحُصول على ما تريده من الصراع السوري.

ومع استلام المبعوث الأممي لسوريا الجديد “غير بيدرسون” للملف السوري يُحاولون أن يفتحوا صفحة جديدة من المفاوضات في سوريا وتكون مناطق شمال وشرق سوريا جزء هام وفاعل في حل الصراع السوري، بعد المفاوضات التي جرت سابقاً ولم تُحقق نتائج. ودي مستورا أعلن عن عدم التوصل إلى نتائج ملموسة على الأرض، بالتالي انتهت مهمته في سوريا بالفشل، ويعود هذا الأمر إلى فشل القوى التي كانوا يَتعاملون مَعهم في سوريا، وبالتالي تغيرت الموازين وقبل أن تكون هذه التوازنات موجودة كان هنالك الائتلاف السوري المعارض لقوى التغيير، وكان هنالك قوى داعمة لهذا الائتلاف، وعددها كبير ولم يتبقَ منه سوى مجموعة صغيرة وموجودة في تركيا، أصبح هنالك ظهور لقوى أخرى على الأرض في شمال وشرق سوريا، على سبيل المثال هنالك مجلس سوريا الديمقراطيَّة مع المجالس المحلية الموجودة في مناطق الجزيرة وكوباني وعفرين والرقة والطبقة ودير الزور ومنبج، حيث بدأت الدول ترى بأنَّ هنالك نموذج ناجح في المنطقة، وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف الدولي تتجه إلى هذهِ المنطقة، وتنظر إليها على أنَّها مناطق ثقل وارتكاز، هذا الوضع يَنعكس بشكلٍ مباشرٍ على تركيا والتي تهدف إلى تحقيق أهدافها ومصالحها من خلال الفصائل المدعومة من قِبلها، ورأوا إنّهم لم يستطيعوا تحقيقها من خلال الفصائل وتدخلوا عسكرياً واحتلوا الأراضي السوريَّة؛ من أجل تحقيق أهدافهم على الأرض السوريَّة. لذلك؛ لهم عدة أهداف، من خلال خلط الأوراق والتدخل في هذه المنطقة، ليظهروا أنَّ هذهِ المنطقة ليست منطقة آمنة ولا مُستقرة، وتشويه صورة المنطقة، وبدأوا على الحدود بالتهديد للتدخل في شمال وشرق سوريا والعمل على التغلغل فيها، وبدأوا بالاغتيالات واستهدفوا قوات سوريا الديمقراطيَّة حتى قاموا بالتدخل بين العشائر نفسها، ومحاولة إذكاء الفتنة بين العشائر العربيَّة وغيرها، وإعطاء الإيعاز للخلايا التابعة لها، من أجل أن يقوموا بالفوضى والعمل لصالح أجندات الدول التي تحاول زعزعة الأمن والأمان في المنطقة. والأهم من هذا وذاك هو إظهار المنطقة بأنَّها تعيش حالة من الفوضى، هذا الأمر من أجل تحقيق المكاسب على الأرض، واستطاعوا تحقيق الإنجازات في هذه المنطقة، وتكوين نموذجٍ جديد، وإذا استطاع هذا النموذج أن يصمد؛ فسيؤثر على الحكومة السورية ومستقبل سوريا على العموم؛ لأن العالم أجمع يراقب الوضع السوري والتطورات السورية عن كثب.

لذلك هذا الأمر سينعكس على تركيا وبشكل مباشر وستحاول زعزعة الأمن الاستقرار في المنطقة قدر الإمكان، والأتراك يحاولون اللعب على تناقضات الدول الكبرى والمؤثرة في الصراع السوري، والعمل على الاستفادة من الموقع الجيوسياسي التي تتخذه تركيا وتمثله، ضمن توازن علاقتها مع التحالف واستغلال علاقاتها مع التحالف الدولي. من جانب آخر كون التحالف الدولي حليف لقوات سوريا الديمقراطية في مكافحة الإرهاب، ومن أجل الضغط عليها أحياناً تميل إلى وضع تفاهمات مع روسيا ومن الممكن تقديم هذه المناطق هدية لروسيا، والتقدم في إدلب والمناطق الأخرى من أجل فتح علاقات مع الروس للتدخل في المنطقة.

ـ ما هي أبعاد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من سوريا، وكيف ستصبح المنطقة في ظلِّ التجاذبات العالمية والإقليمية التي يحاول كل طرف من الأطراف أن يحقق مصالحه على حساب الشعب السوري؟

المنطقة تعيش حالة من الحرب العالمية بين القوى الكبرى والعالمية الأخرى. لكن؛ تدخل القوى عامة الموجودة على الساحة السورية، يدل على أن الصراع من الممكن أن يزداد ويكبر أكثر، وبحسب وجهة نظرنا أن الصراع بدأ يتجه إلى الصراع السياسي مع تصريح الرئيس الأمريكي ترامب الأخير الذي قال بأنَّنا سننسحب من مناطق شمال وشرق سوريا، وسنترك المنطقة بيد الأتراك أو بيد أردوغان على حد تعبيره، ولكن يجب أن ندرك تماماً بأنَّ الوضع تغيَّر، وبدأ بالاتجاه والميل نحو الحل السياسي أكثر من العسكري. إنَّ التهديد التركي لهذه المناطق سيعمل على عودة النفوذ الإيراني إلى المنطقة من جديد، وهنالك نقاش بين الأوربيين والمُجتمع الدولي على العموم على أن هذه المنطقة هي في خطر والعمل الذي عملناه لم ينفع في شيء، إذا رجعت داعش إلى المنطقة من جديد. برأي أن الوضع في سوريا والصراع الدائر في المنطقة هو في مراحله الأخيرة، ويتطلب رسم سياسات عقلانيَّة، ومعرفة كيف يُمكن تجاوز هذهِ الأزمة الموجودة، ويجب أن نعرف كيف نتجاوزها.

ونحن كمجلس سوريا الديمقراطية يجب علينا الاعتماد على قوانا الذاتيَّة، من خلال الخط الثالث الذي نتبعه، وإعطاء المجال للمناورة والخيارات أمامنا ليس خيار وحيد، بل الخيارات كثيرة ومتعددة، وأنَّنا لن نَتحول إلى محور، ولكن من الممكن أن نستفيد من القوى الصديقة للشعوب السورية. ومنذ البداية قلنا أنَّه سيكون لدينا علاقات مع كل الدول في العالم، وكل القوى الفاعلة وحتى مع الحكومة السورية، ويجب علينا أن نَعمل على هذا الأمر، وهو الذي جعل منا قوى فاعلة ونستطيع ولأول مرة أن نَكون قوى ليست رسميَّة، ولكنَّها قوى مجتمعيَّة استطاعت أن تلعب على موازين القوى، وتُؤثر على مراكز القرار حتى في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، سنستمر بإتباع سياسة الاعتماد على الذات، وبحسب مصالح شعوبنا.

ـ كيف تقيّمون الجولات التي قام بها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، وهل تحاول تركيا إغلاق الباب أمامه بعد رفض أردوغان استقباله في أنقرة؛ بسبب تصريحاته تجاه مناطق شمال وشرق سوريا؟

الولايات المتحدة الأمريكية لها مصالح في هذه المنطقة وتركيا هي من ضمن حلف الناتو، اعتقد أنَّنا ننظر إلى هذه الجولات على ان الدبلوماسيّة الأمريكية تُحاول خلق نوع من التوازنات والتفاهمات بين كل الأطراف العاملة والفاعلة على الأرض السورية، والحؤول دون هجوم الأتراك على هذه المنطقة، وتحاول أن تقول بأن قوات سوريا الديمقراطية هي القوات الشريكة معنا، ويجب ألا تُهاجم. ولكن؛ المصالح الدوليَّة وموقف الأتراك من مناطق شمال وشرق سوريا هو موقف العداء، وحسب التصريحات تحاول الخروج من الصراع في سوريا بشكل مغاير لخروجهم من العراق عام 2011، وتحاول أن ترضي العديد من الأطراف كقوات سوريا الديمقراطية والشعوب الموجودة في المنطقة؛ لأنَّ هذا الأمر سوف يَنعكس، وبشكلٍ سلبي على مصداقيّة الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك؛ هذه الأخيرة تبعث رسائل وعلى لسان مسؤوليها بأنَّ حتى وإن تم الانسحاب هي باقيَّة حتى القضاء على داعش، وستدعم قوات سوريا الديمقراطيَّة، وستعمل على تقليص النفوذ الإيراني، والقضاء عليه نهائياً في سوريا، بالتالي جاءت جولات بولتون لتعزيز هذا الأمر، وتُقنع الأتراك بعدم شن هجوم على المنطقة، ومن طرف آخر وكما قلنا هي إرضاءً لقوات سوريا الديمقراطية التي قاتلت داعش وعدم تركها ضحيَّة بيد الدول المُتربصة بالمنطقة كالأتراك.

إذاً نستطيع القول بأنَّ منطقة شمال وشرق سوريا أصبحت رقماً صعباً على الساحة السوريَّة، ولا يمكن أن تكون كغيرها من المناطق الأخرى، مثل مناطق الغوطة الشرقيَّة التي كانت ضحيَّة المقايضات بين الدول الموجودة على الساحة السوريَّة بسبب تبعيَّة هذه الفصائل وكثرة الولاءات. والأمر مختلف في مناطق شمال وشرق سوريا بسبب وجود قوة مُنظمة وشعب منظم، واعتقد بأنَّ جولة بولتون كانت نتيجة تعنت الجانب التركي وعدم القبول بما تريده أمريكا، وهذا ما أثار غضب أردوغان ورفض استقبال جون بولتون.

ـ ما موقف مجلس سوريا الديمقراطية من قرار الانسحاب الأخير؟ وهل المجلس المذكور جاد بفتح علاقات مع الحكومة السورية وروسيا في مناطق شمال وشرق سوريا؟

يوجد لدينا خيارات متعددة، ولسنا معدومي الخيارات وخيارنا الأساسي هو الاعتماد على شعوبنا ووحدتها، وحققنا وحدة الشعوب في المنطقة بالدم، حيث ضحى الآلاف من الشهداء بأرواحهم على الأرض السوريَّة، واستطاعت هذه الدماء أن تُحرر أغلب المناطق من سيطرة المرتزقة. لذلك؛ اعتمادنا على اتفاق الشعوب ووحدتها وإرادتها، ومقاومة الشعب هو خيارنا الأساسي، لكن هذا لا يعني عدم الاستفادة من الأوضاع الحاليَّة، والاستفادة من التناقضات الدوليَّة والإقليميَّة في سوريا، حتى في حال انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من التحالف الدولي هنالك الاتحاد الأوروبي وهو طرف فاعل، ويمكن العمل معه لمكافحة الإرهاب وإحلال السلام في سوريا، وتحقيق الانتقال السلمي في سوريا، وأيضاً خيار توطيد العلاقات مع روسيا والحكومة السورية مطروح.

وبالنسبة إلى المفاوضات مع الحكومة السورية نحن جادين في خلق حالة من الحوار معه، ولا يُفهم الامر على انّنا نذهب إلى دمشق من باب ضعف، فنحن أقوياء، ونعرض رؤيتنا للحل في سوريا، ووجه نظرنا بالنسبة لمستقبل سوريا، ونحن لم نتراجع عن مطالبنا حتى بعد القرار الأخير للرئيس الأمريكي ترامب، وكان لنا مفاوضات للنقاش على أمور المنطقة في هذه الفترة، وكمجلس سوريا الديمقراطية نحن جاهزون، ولا نقبل أن ترجع الحكومة السورية إلى المربع الأول بعد كل هذه السنين العجاف. ومع كل هذا العناء ومن القتل والدمار والتشريد ولن نرجع إلى المربع الأول، وكأنَّه لم يحصل شيئاً، وهذا الأمر غير مقبول. لذلك؛ يجب الانطلاق إلى سوريا المستقبل، ولدينا هذا المشروع؛ مشروع سوريا المستقبل، وكيف سيكون نظام سوريا المستقبل؟ ونحن على قناعة أنَّ سوريا لن ترجع إلى الوراء. وبعد كل ما حدث اعتقد بأنَّ الحكومة السورية لا تريد أن يحدث التغيرات التي نريدها وتحاول أن تكسب المزيد من الأرض من خلال التفاهمات المشابهة للمناطق الأخرى، ونحن نعمل على تغير مفهوم الحكومة السورية، ويجب مناقشة الوضع الجديد الذي يناسب الوضع السوري الجديد. ولكن؛ بعد القرار الجديد للانسحاب اعتقد أن الحكومة السورية هي الوحيدة التي بقيت على الساحة السوريَّة. لذلك؛ تريد أن ترفع سقف المطالب واستغلال الفرص ما أمكن، وخاصةً في الوقت الحالي بزمن دخلت سوريا في وضع فوضى، وأزمة لم نعمد إلى استغلال الفرصة للانقضاض على الوضع، ومُحاولة الاستفادة من الظروف وقمنا بالحفاظ على مناطقنا، ولم نُهاجم أحداً، ولم نهاجم الحكومة السورية، واعتقد بأن استغلال الوضع ليس من صالح الحكومة السورية، بل على الحكومة السورية السعي في الاتفاق مع شعوب ومكونات المنطقة، وأخذ إرادة الشعوب في شمال وشرق سوريا والمجتمعات في سوريا بعين الاعتبار.

ـ هل من كلمة أخيرة تودون توجيهّها في نهاية حوارنا هذا؟

يجب التنويه إلى أمرٍ هام في هذه المرحلة الهامة والمفصلية، وهو ضرورة التفاف جميع الشعوب في سوريا حول كل من قوات سوريا الديمقراطية والمجالس المحليَّة لنُشكل الوحدة المنشودة في وجه جميع المخاطر، والتحديات التي تواجه الشعوب في المنطقة. هذه المنطقة التي أسست أحزابها المُستقلة والمجالس المحليَّة، وقواتها العسكريَّة، وليست بحاجة إلى أي طرف ليُملي عليها ما يريده أو يمثله، ويجب عدم الانجرار وراء الترويج الإعلامي من طرف الحكومة السورية، أو من الأطراف الأخرى من خلال الحرب الإعلاميَّة، ولن تكون هنالك تنازلات من طرفنا، وإن كان هذا الأمر فهو مرهون بالمفاوضات التي نجريها مع أي طرف من الأطراف للوصول إلى الحل السياسي النهائي.