سوزان علي
خطوة أخرى في مسيرة نضال المرأة الكردستانية، خاضتها النساء في شمال وشرق سوريا المتسلحات بأيديولوجية تحرر المرأة؛ وذلك بعقد الكونفرانس الأول للنساء الكرديات في روج آفا، الذي انعقد في الثالث والعشرين من شهر آذار الجاري، وتحت شعار “بريادة المرأة الكردية تضمن الوحدة الوطنية الكردية”؛ وذلك بهدف توحيد رؤى النساء، ورصّ صفوفهنَّ في شمال وشرق سوريا؛ إيماناً بقدرة النساء على ريادة المرحلة الراهنة، سواء في شمال وشرق سوريا، أو في سوريا عامة، فبهذا المعنى يتطلب توحيد الصف الكردي، والتهيؤ لعقد مؤتمر وطني كردستاني جامع؛ لحلّ القضية الكردية، ولإشغال حيز هام في الدستور السوري، الذي تُناقش مسودته الآن، والذي أقصى حقوق النساء، وغض الطرف عن نضال المرأة في شمال وشرق سوريا خلال الأزمة السورية، التي امتدت لأكثر من ثلاث عشرة سنة، وكذلك في ثورة التاسع عشر من تموز، وكيف تصدت تلك النسوة لعدو العالم الأكثر خطورة “داعش”، وسعين لبناء مجتمع ديمقراطي أخلاقي سياسي خلال ريادتهن ثورة التاسع عشر من تموز، التي سُميت بثورة المرأة، وقد نظمت النساء أنفسهنَّ على غرار المرأة في حركة التحرر الكردستانية في وحدات حماية المرأة الخاصة بها، واتخذنَ الحماية منهجاً لهنَّ، وهذا ما لم تفعله باقي النساء السوريات، فنساء الساحل السوري اليوم ولأنهن غير منظمات ضمن وحدات خاصة بهن؛ يتعرضن للخطف يومياً أثناء المجازر المرتكبة بحق العلويين، وهذا ما حدث تماماً مع النساء الإيزيديات في شنكال عام 2014م أثناء تعرضهن للإبادة الجماعية الرابعة والسبعين بحق الإيزيديين، فخطفت الآلاف وأسرن وقتلن آنذاك، وبعد تلك التجربة نظمن أنفسهن مجدداً في وحدات المرأة في شنكال. واتخاذ نهج الحماية؛ جعل من المرأة في شمال وشرق سوريا أكثر قوة وتنظيماً.
آمنت المرأة في شمال وشرق سوريا، أن “قضية المرأة في المجتمع أعمق من القضية الكردية” كما أشاد بذلك القائد عبد الله أوجلان في رسالته للنساء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المصادف الثامن من آذار، الرسالة التي حضت المرأة على التحلي بثقافة المرأة الأم، التي تتمتع بالقوة والريادة، والتي كانت خارج هيمنة الرجل، وذهنيته المستبدة الحاكمة. ولذلك؛ آثرت المرأة المضي قدماً في النضال الذي دخل مرحلة أخرى بعد مبادرة القائد عبد الله أوجلان في السابع والعشرين من شهر شباط المنصرم الداعية إلى السلام، وخوض النضال السياسي، والسعي لدمقرطة المجتمع وبنائه. مرحلة النضال السياسي يتطلب من المرأة تعميق نضالها أكثر والاعتماد على فلسفة “JIN.. JIYAN.. AZADî المرأة.. الحياة.. الحرية”، وحلّ قضية المرأة أولاً لتحل سائر القضايا العالقة كالقضية الكردية وقضايا الشرق الأوسط، والقضايا المجتمعية والاقتصادية.
مرحلة التغيير والتحول الديمقراطي التي نادى بها القائد عبد الله أوجلان مع إطلاقه مبادرة السلام، هي المرحلة الأكثر تحدياً للنساء، وهنا تبرز قوتها الحقيقية وحنكتها في إدارة المرحلة الراهنة ومقاومة الذهنية المستبدة، التي تسعى لإقصائها من حقوقها السياسية والمجتمعية والعسكرية، والسعي لوضع النقاط على الأحرف؛ لتدون تاريخاً جديداً مفعماً بثقافة المجتمع الأمومي وبريادة المرأة الأم.