يبدو أن شعوب الشرق الأوسط لن تنعم بالأمان والاستقرار، وكافة الجبهات مشتعلة فيها بين أطراف الصراع المتعددة، بدءاً من سوريا إلى لبنان وغزة، إلى اليمن والعراق، فمع تجدد الصراعات مرةً أخرى أصبحت المنطقة على صفيحٍ ساخن، وبات التنبؤ بتهدئة الأوضاع فيها من سابع المستحيلات على أقل تقدير في الوقت الحالي.
شهدت الأسابيع القليلة الماضية حالةً من التوتر والتصعيد الكبير على مختلف الجبهات، وخلّف هذا الصراع المميت المئات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين العُزّل على مختلف انتماءاتهم وولاءاتهم.
فإسرائيل انقلبت على وقف إطلاق النار المبرم بينها وبين حركة حماس، ونتنياهو ضرب بالمفاوضات عرض الحائط على حدِّ وصف الحركة، وذلك بعد أن شن هجوماً على أهداف في غزة وقتل مئات المدنيين، وترامب أمر بشن ضربات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، الذين بدورهم أكدوا وتوعدوا بالرد على الضربات الأمريكية التي تستهدفهم في العديد من المدن والمناطق اليمنية، بالإضافة إلى أن الحدود اللبنانية والسورية أيضاً شهدت اشتباكات بين قوات سلطة دمشق والجيش اللبناني، ومازال التوتر سيد الموقف هناك، والأوضاع غير مستقرة ومخاطر نشوب الحرب وعودة الاشتباكات مرةً أخرى هناك لا تزال قائمةً حتى الآن.
ففي سوريا وتحديداً في شمال وشرق سوريا أقدمت دولة الاحتلال التركي كعادتها على ارتكاب مجزرة بحق عائلة كاملة واستُشهد عشرة من أفراد العائلة وأصيب شخص آخر بجروحٍ بليغة، والتي تزامنت مع المجازر التي ارتُكبت بحق العلويين في الساحل السوري، على يد قوات سلطة دمشق، وسط صمت إقليمي ودولي مطبق، حيال ما تعرض له هؤلاء المدنيين من جرائم وانتهاكات يندى لها جبين الإنسانية، حيث أقدموا على قتل النساء والأطفال الأبرياء وكبار السن على أساس الهوية وبدوافع طائفية مقيتة.
الشعب السوري عانى ما يكفي من الاضطهاد والويلات، أمَا حان الوقت للسوريين أن يستريحوا من الموت؟ ومن بين مخالب آلة الحرب المدمرة؟ أكثر من مئة يوم على سقوط النظام السوري ومازال السوريون يعيشون حياة لا تطاق، أمَا حان الوقت ليعيش سكان غزة بعيداً عن الحروب والسلطوية والأجندة الخارجية على أرضهم ووطنهم؟ متى ستنعم شعوب الشرق الأوسط بالأمن والأمان، وتنتهي على أرضهم قصص الموت والقتل والمجازر وعمليات الإبادة الجماعية التي تُنفذ ضدهم يومياً وبشكلٍ ممنهج؟
الحروب الدائرة اليوم تجرُّ منطقة الشرق الأوسط إلى مستنقع الفوضى، الهجمات التركية والتوغلات الإسرائيلية وحالة الفوضى والفلتان الأمني تعمّق جراح السوريين أكثر فأكثر، وسط حالة من عدم الثقة من قبل السوريين بإدارة الحكومة الجديدة ذات اللون الواحد. كما أن نهج حماس وسياسات إسرائيل ساهمت في تعميق الأزمات أكثر بين الطرفين، وتحولت إلى عُقدة من الصعب فكها أو الوصول إلى حلول جذرية وحقيقية ترضي جميع الأطراف، وبات المشهد في المنطقة يتوجه إلى التعقيد أكثر مقارنةً بالأيام السابقة، ولا بد من الخروج منها بأقل خسائر؛ إلا أنه يبدو ذلك صعباً في الوقت الحالي والمنطقة تتجه نحو الأسوأ ربما.