الحسكة/ محمد حمود – أدان أهالي مدينة الحسكة المجزرة المروعة، التي أدت إلى استشهاد عائلة كاملة بين قريتي “قومجي” و”برخ بوتان”، بريف كوباني، بصواريخ من طائرات الاحتلال التركي، ونددوا بصمت سلطة دمشق، والمجتمع الدولي إزاء هذه المجزرة والعديد من الجرائم الأخرى على المنطقة.
في ليلة دامية مساء الأحد 16 آذار الجاري، ارتكب الاحتلال التركي مجزرة مروعة بحق عائلة مؤلفة من 11 شخصاً في المنطقة الواقعة بين قريتي “قومجي” و”برخ بوتان”، جنوبي كوباني، حيث استشهد تسعة منهم، بينهم سبعة أطفال على الفور، وأصيبت فتاتان بجروح استشهدت إحداهما بعد يومين من وقوع المجزرة، وكلهم من عائلة واحدة.
هذه المجزرة ليست الأولى من نوعها، بل تذكرنا بمجزرة أخرى ارتكبتها مرتزقة داعش، في المنطقة ذاتها، عام 2015، ما يثير تساؤلات خطيرة حول الدور التركي في استهداف المدنيين السوريين.
ففي 25 حزيران 2015، شهدت قرية “برخ بوتان”، واحدة من أبشع المجازر في تاريخ الحرب السورية، حيث استشهد 233 مدنياً، وأصيب 273 آخرون بجروح على يد مرتزقة داعش، ومن خلفها دولة الاحتلال التركي. اليوم، وبعد سنوات، تتكرر المأساة في المكان ذاته، ولكن هذه المرة بقصف تركي مباشر، هذا التكرار يؤكد، أن أنقرة هي المشغل الحقيقي لداعش، وأنها تحاول اليوم تحقيق ما عجزت عنه مرتزقتها سابقاً، لإرهاب أهالي كوباني، وإجبارهم على الخضوع والرحيل.
إدانة واسعة وصمت سلطات دمشق
وحول ذلك، استطلعت صحيفتنا، آراء أهالي الحسكة، في البداية تحدث المواطن، عبد الحميد عيسى: “ما حدث في كوباني ليس مجرد قصف عشوائي، بل هو استهداف ممنهج للمدنيين الأبرياء، أنقرة تحاول فرض سيطرتها على المنطقة بإرهاب السكان، وهذا أمر لا يمكن السكوت عنه”.
من جهتها، وصفت المواطنة، وعد عليوي، المجزرة بأنها “وصمة عار على جبين المجتمع الدولي”، وأضافت: “الأطفال الذين استشهدوا لم يكونوا سوى ضحايا لصراعات أكبر منهم، نطالب المجتمع الدولي، بالتحرك الفوري لوقف هذه الهجمات وحماية المدنيين العزل، الذين يعيشون تحت رحمة قصف الاحتلال التركي ومرتزقته”.
وفي الوقت الذي تدعي فيه سلطة دمشق، أنها الحامي للسوريين، يتساءل الكثيرون عن سبب صمتها المريب تجاه المجازر التركية المتكررة.
عيسى، لم يتردد في توجيه انتقاد حاد لسلطات دمشق: “دمشق تتحدث عن حماية السوريين، ولكن أين هي عندما تُرتكب المجازر بحق أبنائنا؟ صمتها يشير إلى تواطؤ مريب، وقد تكون شريكة في المحزرة بشكل مباشر”.
وعد بدورها أشارت، إلى أن صمت دمشق: “إذا كانت السلطة الجديدة عاجزة عن حماية مواطنيها، فعليها على الأقل أن تطلب التدخل الدولي، لوقف هذه الهجمات، صمتها يؤكد أنها تفضل مصالحها السياسية على حياة المدنيين”.
كوباني المقاومة تنتظر تحقيق العدالة
في ظل استمرار الهجمات التركية، يطالب الناشطون والمجتمع المدني في المنطقة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل، بخصوص ذلك، وفي هذا الشأن نوه عيسى: “لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي بينما تُرتكب المجازر بحقنا، المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية ويوقف هذه الهجمات”.
أما وعد دعت إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية لتوثيق جرائم الاحتلال التركي: “العالم يجب أن يعرف الحقيقة، ما حدث في كوباني جريمة ضد الإنسانية، والمسؤولون عنها يجب أن يحاسبوا أمام المحاكم الدولية”.
ومنذ سنوات، تستهدف دولة الاحتلال التركي بشكل متعمد، مناطق المدنيين في إقليم شمال وشرق سوريا، في محاولة لفرض واقع جديد على الأرض، مراقبون يؤكدون أن أنقرة تسعى إلى إضعاف المقاومة في سد تشرين، بإرهاب المدنيين، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
في الوقت الذي ترفع فيه كوباني صوتها عالياً ضد المجزرة الأخيرة، تبقى الأسئلة معلقة: “إلى متى يستمر صمت المجتمع الدولي؟ وإلى متى تظل دمشق تتجاهل معاناة السوريين في شمال وشرق سوريا، إزاء الهجمات التركية؟”.
المجزرة الأخيرة ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي جريمة ممنهجة، تذكرنا بأن الحرب على السوريين لم تنتهِ بعد، وكوباني تنتظر العدالة، ولكن العدالة لن تأتي إلا بتحرك دولي جاد وحقيقي.