قامشلو/ ملاك علي – مع اقتراب عيد النوروز، تبدأ التحضيرات في مختلف مناطق كردستان، خاصة في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث يحمل هذا العيد معاني المقاومة والتجدد والحرية. يجتمع الناس في ساحات الاحتفال، يرتدون أزياءهم التقليدية، ويشعلون النيران التي ترمز إلى النضال ضد الظلم، تمامًا كما فعل كاوا الحداد حين قاد ثورته ضد الطاغية أزدهاك.
لكن النوروز هنا ليس مجرد احتفال، بل هو أيضًا رسالة صمود وسط التحديات التي يواجهها الإقليم، فالأغاني الكردية التي تُغنّى في هذا اليوم تحمل روح الشعب، تتحدث عن النضال، وعن الأرض، وعن التضحيات، في ظل الأوضاع الراهنة في إقليم شمال وشرق سوريا، تعكس هذه الأغاني واقع المقاومة المستمرة، من مواجهة التهديدات العسكرية، إلى التمسك بالهوية والثقافة رغم الظروف الصعبة.
ومن بين المحطات المضيئة في هذه المقاومة، تأتي مقاومة سد تشرين “سد الشهداء” التي كانت مثالاً على إرادة الشعوب في الدفاع عن وجودها، حين حاولت قوى الظلام السيطرة على هذا الموقع الاستراتيجي، نهضت القوات المدافعة، بمشاركة أبناء المنطقة، وقاتلوا بشجاعة حتى انتصروا، مستعيدين السد الذي يغذي المنطقة بالحياة كما يغذي النوروز أرواح الكرد بالأمل.
اليوم، تُغنّى في النوروز أناشيد تمجد هذه التضحيات، وتحيي ذكرى من ضحّوا ليبقى النور مشتعلاً. فكما قال أحد المناضلين: “نوروز ليس مجرد عيد، إنه عهد، بأن نبقى نقاوم حتى الحرية”.
تستعد مقاطعة قامشلو لاستقبال عيد نوروز 2025 بروح النصر والمقاومة والحرية، حيث تواصل اللجنة التحضيرية تجهيزاتها لهذا اليوم التاريخي، الذي يمثل رمزاً للصمود والانتصار لشعوب المنطقة.
الإدارية في هلال زيرين، “روكن محمد“، أكدت أن الاحتفالات هذا العام ستكون مختلفة، حيث تم إعداد مجموعة من الأغاني والمسرحيات التي تعكس الأحداث الراهنة، وتبرز تضحيات الشهداء ونضال قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على فكر القائد عبد الله أوجلان، وأشارت إلى أن التحضيرات الفنية ستشمل أغاني جديدة مستوحاة من المرحلة الحالية، مثل مقاومة سد تشرين والتضحيات، التي قدمها الشعب في سبيل الحرية، وإيصال صوته إلى العالم.
يحمل نوروز هذا العام شعار السلام والتآخي بين الشعوب، حيث ستكون هناك مشاركة فنية واسعة، ليس فقط من داخل إقليم شمال وشرق سوريا، بل أيضاً من فنانين من خارج المنطقة، ومن بين الأسماء المتوقعة للحضور الفنان سميح شقير، الذي أعرب عن رغبته في المشاركة بهذه المناسبة إلى جانب أبناء المنطقة.
وفي ظل التغيرات السياسية الحاصلة، أشارت روكن محمد إلى أن الاتفاق الذي تم بين قائد قوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” ورئيس سلطة دمشق “أحمد الشرع” قد منح شعوب الخارج مزيداً من الأمل في تعزيز التقارب مع إقليم شمال وشرق سوريا.
كذلك نوهت روكن، أن الاحتفال هذا العام سيجسد وحدة الشعوب، حيث ستشارك الشعوب الكردية، والعربية، والسريانية، والآشورية في الاحتفالات، لتثبت مجدداً أن نوروز ليس فقط عيداً للكرد، بل هو عيد لكل من يؤمن بالحرية والسلام.
وفي إطار احتفالات نوروز، سلطت “روكن” الضوء على رسالة القائد عبد الله أوجلان بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، التي شدد فيها على أهمية دور المرأة في تحقيق السلام، معتبرة أن هذه الرسالة تشكل دافعاً للنساء في إقليم شمال وشرق سوريا للاستمرار في النضال من أجل الحرية والمساواة.
وترى روكن أن نوروز هذا العام يحمل طابعاً خاصاً، حيث سيتم تسليط الضوء على ضرورة تحقيق الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان، باعتبار أن فكره يشكل الأساس لمشروع الأمة الديمقراطية، الذي يسعى لترسيخ قيم السلام والعدالة في المنطقة.
يأتي نوروز 2025 ليؤكد أن شعوب شمال وشرق سوريا موحدة في نضالها من أجل الحرية والديمقراطية، وكما كانت الاحتفالات في السنوات السابقة تحمل طابعاً مقاوماً، فإن هذا العام سيكون نوروزاً للسلام والتكاتف بين جميع الشعوب، بعيداً عن التفرقة والطائفية، ليكون عيداً للنصر، للمقاومة، وللحرية.
