ضجَّت مواقع التواصل ووسائل الإعلام الإقليمية والعالمية، بخبر الاتفاق التاريخي بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، وخلقَ هذا الاتفاق حالةً من التفاؤل والفرح بين الشعوب السورية على مختلف مشاربهم، ووحَّد صفوف السوريين من جديد، بعد أن فرقتهم نار الحرب وسياسات السلطات السابقة التي دائماً ما كانت تزكي النعرات الطائفية والمذهبية بين أبناء الشعب السوري أولئك الذين كانت تجمعهم الأفراح والأحزان كل حين.
الاتفاق في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ سوريا الحديث، لاقى بتوقيعه ترحيباً عربياً كبيراً، وردودَ فعل واسعةً من قبل المتابعين للشأن السوري عن كثب، وأكدوا على دعمهم للاتفاق الذي من شأنه تعزيز سبل العيش وتعزيز التعايش السلمي، بين كافة أطياف الشعب السوري الذي عاش الويلات خلال السنوات الماضية من الأزمة السوريّة، ووصفه آخرون ببداية مرحلة جديدة بالنسبة للشعب السوري، للعيش بكرامة وسلام وحرية وأمان.
الاتفاقُ الذي يتألّف من ثمانية بنود تهدف إلى حماية التعددية، وتنصُّ على ضمان حقوق جميع السوريين في المشاركة في العملية السياسية، وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، بغضِّ النظر عن خلفيتهم الدينية أو العِرْقية.
بطبيعةِ الحال توقيتُ الاتفاق وبنوده، جاءت في وقتٍ السوريون جميعهم بأمسِّ الحاجة إليه، ويتماشى مع مطالبهم، كما أنه ردٌّ قوي وواضحٌ على جميع الأطراف الخارجية التي حاولت ضرب السوريين بعضهم ببعض.
وفي الاتفاق، ولأوّلُ مرة في تاريخ سوريا، يتم الاعتراف بحقوق الشعب الكردي، والشرعُ أول رئيس سوري يوقّع اتفاقيةً رسميةً مع قائد كردي، لعب دوراً محورياً في حماية الشعب السوري وسيادة الدولة، وأصبح حاجزاً منيعاً في وجه أطماع بعض الدول، وعلى رأسها تركيا، التي تحاول احتلال مزيد من الأراضي السورية، ورفع وصايتها عن السوريين، مع تأمين مستقبل مشرق وأفضل للسوريين، وتحقيق العدالة الانتقالية بشكلٍ سليم ومنع ممارسة العنف، بالإضافة إلى السير نحو مصالحة وطنية شاملة.
الاتفاقُ رفعَ معنويات السوريين، وزادَهم إصراراً وعزيمةً على المضي قدماً في تحقيق الاستقرار، ومن هنا يجب العملِ معاً كرداً وعرباً وسرياناً، وجميع السوريين، لا سيما أن هذا الاتفاقَ يمنح الكُرد اعترفاً بدورهم وهويتهم، ويمثل بارقة أمل لسوريا موحدة متماسكة، وفرصة لتصحيح المسار السياسي في دمشق، ولحظة سياسية فارقة، بالإضافة إلى أنه فرصة حقيقية لتجنب سوريا خطر الانزلاق نحو موجة عنف جديدة.
الاتفاقُ الذي أُبرم بين قسد ودمشق، في مرحلة حسّاسة من تاريخ البلاد، فرصةً تاريخيةً لبناء سوريا جديدة، حيث بات من غير الممكن تهميش السوريين في صياغة مستقبلهم، بما يضمن حقوقهم جميعاً، والعيش معاً بسلام وأمان، ووضع دستور يشمل الحقوق المشروعة لجميع أطياف الشعب السوري، وفي حال تطبيق هذا الاتفاق فسوف يكون مدخلاً لمرحلة جديدة، وبداية تغيّر وجه سوريا، ويفتح الطريق أمام الوصول إلى سوريا ديمقراطية تعددية تتسع للجميع.