قامشلو/ دعاء يوسف – أكدت الصحفية الصينية “شينغ جينغ”، أن المرأة في الشرق الأوسط قد حققت نجاحات كبيرة، ونالت العديد من الحقوق طاوية صورتها التقليدية، وعدت ثورة المرأة منصة للتعبير عن مطالب النساء وتأكيداً لحقوقهن، وخط دفاع في وجه أنظمة القمع السياسي والاجتماعي في الشرق الأوسط والعالم.
يصادف الثامن من آذار من كل عام اليوم العالمي للمرأة، والذي يشكل مناسبة للتفكر في التقدم المحرز وللدعوة إلى التغيير وللاحتفال بأعمال النساء وشجاعتهن، وثباتهن في أداء أدوار استثنائية في تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن.
وقد شهدت السنوات الأخيرة تقدماً غير مسبوق من العديد من دول العالم فيما يتعلق بحقوق المرأة، كما كان لثورتها انطلاق واسع على جميع الأصعدة في بلدان مختلفة.
العنف بحق المرأة مستمر
وبينت الصحفية الصينية المقيمة حالياً في بكين “شينغ جينغ”، أن اليوم العالمي للمرأة، هو تذكير قوي بالتقدم الذي أحرزته المرأة، والعمل الذي لا يزال يتعين عليها القيام به من تعزيزٍ للمساواة بين الجنسين على مستوى العالم، وعدت هذا اليوم فرصة لتكريم جهود المرأة، ومساهماتها في مجالات الحياة، سواء كان ذلك في الفنون، أو العلوم أو السياسة أو في حياتها اليومية.
فيما تشير شينغ، أن اليوم العالمي للمرأة هذا العام أتى في ظل ظروف صعبة تؤثر على المرأة، إذ أنها في هذه الظروف كانت قادرة على إحراز خطوات كبيرة: “الثامن من آذار يأتي لتذكير العالم بأن نصف سكانه لا يتمتعون بحقوق مساوية للنصف الأخر، وأن عليهم مناقشة حقوق المرأة ومساواتها من حيث المكانة الاجتماعية، والأجر المتساوي للعمل المتساوي، والحرية في اختيارات المهنة، التي ترغب بها مثل الرجال، والحق في عدم التعامل معها كمرؤوسة، وإن حماية مطالبنا لا تزال تشكل تحدياً مستمراً يعيق تطور عملنا”. وترى شينغ، أن العالم يشهد تحولاً معقداً في العديد من النواحي: “تختلف درجات حصول المرأة على حقوقها من بلد إلى الأخر، فعلى سبيل المثال، في بعض مدن الولايات المتحدة، تم تجريد النساء من حقهن في الإجهاض، وفي العديد من بلدان أمريكا اللاتينية، تستمر جرائم قتل النساء في الارتفاع بمعدل ينذر بالخطر، وفي بعض أجزاء آسيا، غالباً ما تكون النساء أول من يفقدن وظائفهن وسبل عيشهن بسبب الركود الاقتصادي، لذا لا يمكننا تعميم التغييرات في واقع النساء على الدول كلها، فمشاكلها تتفاوت من دولة إلى أخرى، ولكن من المهم مراعاة السياقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المختلفة في كل منطقة”.
وتابعت: “على الرغم من هذه التحديات، تواصل النساء في أنحاء العالم، المقاومة من أجل المساواة، وقد بدأت هذه النضالات في إحداث موجات عالمية، كما ساعدت وسائل التواصل الافتراضي والحركات الشعبية في لفت الانتباه إلى قضايا مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي وحقوق الإنجاب، وقد رأينا النساء يتخطين الحواجز التي وضعها المجتمع في الإدارة القيادية وريادة الأعمال والتعليم”.
المرأة المناضلة في مناطق الصراع
كما تطرقت شينغ إلى وضع النساء في الشرق الأوسط: “أعتقد أن العديد من الناس في أنحاء العالم لديهن صور نمطية حول وضع المرأة في الشرق الأوسط، حيث نرى أنه يفرض عليها ارتداء الحجاب، أو الجلباب الطويل، وأن دورها الرئيسي في الحياة والمجتمع يقتصر على المنزل، وتربية الأطفال، ودعم زوجها، ويهمش دورها في المجالات الأخرى، وفي السنوات الأخيرة رأينا أن المرأة في الشرق الأوسط خرجت عن هذا النمط التقليدي، وناضلت من أجل تحقيق حقوقها، فمثلاً في سوريا وفلسطين، ازداد عدد النساء المشاركات في مجالات العمل، بالرغم من أنها مناطق عانت من الحروب والصراعات، وفي المناطق الأكثر علمانية أو تنوعاً منها اكتسبت النساء المزيد من الحرية، وقد أخذت المرأة السعودية مؤخراً حق القيادة، وهذه الأمور حتى لو كانت صغيرة فهي إنجاز كبير للمرأة”.
واسترسلت شينع، أن المرأة في مناطق الصراع تعاني من صعوبات أكثر لنيل حقوقها وتكافح من أجل ذلك: “تعاني المرأة في مناطق الصراع، فتركز اهتماماتها على الصحة والحياة، لذلك يكون تقدمها لنيل حقوقها أبطأ من دول العالم، ولكن نرى أنها تسعى للتغيير في مجالات الحياة كافة على مستوى الشرق الأوسط، ولذلك ينبغي على وسائل الإعلام أن تولي المزيد من الاهتمام لجهود النساء في هذه المناطق للنضال من أجل حقوقهن، وتقديم الدعم والتشجيع لهنَّ”.
ولإنهاء العنف المطبق على المرأة أكدت شينغ: “أن المرأة بحاجة إلى إصلاح القوانين وأهمها التعليم، ووضع أنظمة لدعمها في المجتمع، وتمكين دورها الفعال، فإن تغيير النظرة الدونية حسب الجنس، وتفكيك النظام الأبوي والذكوري أمر أساسي لإنهاء العنف، ونيل المرأة حقوقها”.
حرية المرأة بثورتها
فيما قالت شينغ: “تمثل ثورة “المرأة، الحياة، الحرية” لحظة مفصلية في تاريخ المرأة، حيث توحدت النساء في عدة بلدان وتحدت الأنظمة القمعية، لتكون مثالاً على نضال المرأة من أجل الاستقرار والكرامة، والمساواة لذلك اكتسبت هذه الحركة، وخاصة في المناطق الكردية، اهتماماً عالمياً، فقد أعطت هذه الثورة المرأة منصة للتعبير عن مطالبها، وتأكيداً لحقوقها، ودافعاً للوقوف في وجه القمع السياسي والاجتماعي ليس في الشرق الأوسط، بل في العالم أجمع”.
ونوهت: “إن وحدة النساء وتضامنهن موضوع واسع، وتواجه الكثير من التحديات، ربما في البلد الذي أعيش فيه كانت لها حرية أكبر لأن فكرة المساواة بين الجنسين راسخة منذ أكثر من سبعين عاماً، ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات والصعوبات، بسبب النظام الأبوي المتجذر، حيث يحتفظ الرجال بالغالبية العظمى من الإدارة والسلطة في المجتمع، ولا تزال العديد من النساء يغريهن الاعتماد على الرجال؛ لأن الصعود بمفردهن يتطلب جهداً أكبر بكثير”.
كما أضافت، أن العديد من الفتيات يتم تعليمهن أن الزواج من أسرة جيدة يضمن حياة سعيدة، وعدت هذه الأفكار معارضة لمفهوم استقلال المرأة: “إنها ليست مجرد تناقضات أيديولوجية بل سبب صراعات حقيقية في الحياة اليومية، أعتقد أنه من المهم اختيار المسار الذي يعتقد المرء أنه صحيح، وأن الترويج للمساواة بين الجنسين ليس فقط من أجل حصول المرأة على امتيازات، بل أن المساواة يجب أن يستفيد منها الطرفيان على حد سواء”.
ودعت الصحفية “شينغ جينغ” في ختام حديثها، النساء إلى الاستمرار في النضال من أجل حقوقهن: “إن نضالاتكن وانتصاراتكن يراها العالم، وأصواتكن لها دور كبير في التغيير. لذلك؛ لنتضامن معاً ضد أشكال العنف، والحرب والفقر، فالنضال من أجل المساواة لم ينتهِ بعد، لنجعل من العالم مكاناً يحفظ حقوق المرأة، ومكانتها ولنكن فخورات لأننا نساء”.