قامشلو/ دعاء يوسف – حافظت المرأة على نهج ثورتها ضد الأنظمة المستبدة في الشرق الأوسط، وفي اليوم العالمي للمرأة يجب ذكر ثوراتها ونضالها المستمر، والتذكير بنضال شهيدات الحرية، وقد حولت النساء شعار “المرأة، الحياة، الحرية” رمزاً عالمياً لثورة الباحثات عن الحرية.
تحتفل نساء العالم بالثامن من آذار كل عام، ويستقبلنه بروح معنوية مليئة بفخر إنجازات أسلافهن، حيث ترفع الشعارات في هذا اليوم، وتخرج النساء للاحتفال بربيع المرأة وتاريخ نهضتها، وفي هذا العام جعلت النساء الثامن من آذار وسيلة جددت فيه العهد على مواصلة النضال.
التاريخ الثوري للمرأة
فمنذ الولادة، يضع المجتمع أغلب النساء أمام خيارات محددة سلفاً وإطارات صُممت خصيصاً لتتلاءم مع ما يرتضيه، وهناك بعض النساء يستسلمن لرغبة المجتمع، وينصعن لأوامره، ولكن هناك من يقاتلن ببسالة رافضات التأقلم مع تلك الخيارات المحددة، ولهذا يمكن القول: إن في المرأة غريزة خفية للنضال والمقاومة، انطلاقاً من مقاومة محيطها الداخلي وصولاً إلى قيامها بثورات عديدة على السلطات السياسية المستبدة.
إذ أقامت المرأة العديد من الثورات في الشرق الأوسط، حيث شاركت في ليبيا بثورة 17 فبراير، وفي العراق قامت بحراك نسائي عام 2003 لنيل بعض حقوقها، أما السودان فقد كانت المرأة ديناميك الثورة ورمز النضال، ولربما لم تقم العديد من الحركات النسائية في دول الشرق الأوسط، ولكن كان لها حضور بارز في الثورات التي قامت في هذه البلدان.
أما في سوريا كان صوت الثورة هو المرأة، فكانت المحرك الأساسي للثورة السورية، وخاصةً في إقليم شمال وشرق سوريا، الذي بدأ بثورة حملت اسم المرأة، فمع اندلاع الثورة السورية نظمت المرأة ذاتها ووحدت صفوفها لتدير المنطقة إدارياً وعسكرياً وخدمياً، وقد برهنت ذاتها وواجهت الحروب التي تشن ضدها، ولا يمكن القول إن ثورة المرأة كانت الأولى من نوعها، فقد بنيت هذه الثورة على سنوات من حربها مع الأنظمة المستبدة.
شهيدات الحرية في ثورة المرأة
وخلف كل ثورة شهيدات خالدات، ولكل قصة من قصصهن تاريخ من المقاومة، وفي كل شهر تولد مناضلات، وتستشهد أخريات في سبيل إحياء كلمة الحق، وفي مضمار البحث عن الحرية في سوريا كانت المرأة حاضرة بقوة ضمن ثورتها التي غيرت نظرة النمطية للعالم على المرأة.
ولذلك عند الحديث عن أي ثورة لا يسعنا إلا ذكر شهيدات الحرية، اللواتي ضحين بأنفسهن لاستمرار هذه الثورة، فعلى الصعيد العسكري كانت المرأة في جبهات القتال تحمي أرضها وشعبها، والمميز في ثورة المرأة أنها كونت قواتها الخاصة “وحدات حماية المرأة” مجسدةً القوة الكامنة في داخل النساء، وحملت السلاح محاربةً رغماً عن العادات والتقاليد البالية، والمجموعات المرتزقة، وحققت إنجازات بارزة في تصديها لأعتى المرتزقة الإرهابية داعش، لتودع أول شهيداتها “سلافا عفرين” في 29 أيار 2013.
إلا أن سلافا لم تكن أول شهيدة ولا الأخيرة، فالكثيرات خلدن أسماءهن في سجلات تاريخ ثورة المرأة من ساكينة جانسيز، ورفيقاتها إلى يسرى محمد درويش، وليمان شويش، وزينب صاروخان، وهفرين خلف، وغيرهن، ومازالت تسير على نهجهن الكثيرات ممن سعين لنشر ثورة المرأة للعالم.
نضال مستمر
وقد تبنت ثورتهن شعار “المرأة، الحياة، الحرية” الذي أصبح رمزاً عالمياً لثورة النساء الباحثات عن الحرية، ومازالت المرأة تناضل في طريقها نحو بناء مجتمع ديمقراطي حر، تنال فيه المرأة مكانتها، وتبحث في اليوم العالمي للمرأة عن كينونتها وذاتها المناضلة، فالثامن من آذار هو نتاج هذا الفكر المتحرر الذي يسعى لنيل الحرية، والديمقراطية والمساوات بين الجنسين في مجالات الحياة كلها.
ولربما لم تصل المرأة بعد لمبتغاها، ولكنها مازالت تكافح في الشرق الأوسط، كل أشكال العنف والظلم المطبق عليها بسبب التقاليد والعادات البالية التي يتحكم بها المجتمع الشرقي.