رفيق إبراهيم
دولة الاحتلال التركي تسعى دائماً لتوسيع نفوذها في سوريا، والسيطرة الكاملة عليها، وخلال الزيارة التي قام بها الجولاني لتركيا، تم توقيع اتفاقية تحت مسمى “الدفاع المشترك”، تسمح من خلالها إقامة قاعدتين عسكريتين على الأراضي السورية، وتؤسس لوجود عسكري دائم في البلاد، وكان على سلطات دمشق أن تعي خطورة هذه الخطوة، التي ستشكل خطراً كبيراً على مستقبل سوريا وشعوبها، وهدف إقامة القاعدتين هو استخدام الأراضي السورية متى ما شاءت لأغراض عسكرية، وتدخلات قد يكون أغلبها في الداخل السوري.
ويرى الكثير من المراقبين للشأن السوري، بأن الاتفاق يظهر مدى استثمار تركيا الأوضاع في المنطقة لتحقيق مصالحها، وكيف أنها تحول الأزمات والحروب إلى فرص لتنفيذ مخططاتها التوسعية، وخاصة في حالات الاضطرابات والأوضاع الحساسة، والحالة السورية خير دليل على ما نقول، ومع الأسف يحدث كل ذلك علناً وفي وضح النهار، دون أي تدخل إن كان من الدول العربية، أو من المجتمع الدولي، الذي لا زال يتعاطى مع الوضع السوري باللامبالاة، ما يفتح أمام تركيا الطريق في تنفيذ سياساتها الاحتلالية.
ما سميت اتفاق الدفاع المشترك، أكدت على إقامة قاعدتين جويتين وسط سوريا، وأيضاً تدريب الجيش السوري، الأمر الذي يخضع سلطات دمشق للإملاءات التركية، وستكون أنقرة مركزاً لإصدار الأوامر، وهذا يعني تقديم سوريا على طبق من ذهب لتركيا، التي كانت تحاول دائماً السيطرة على الخيرات والمقدرات السورية، وجاءت الفرصة اليوم، لتكون وصية على سوريا بعد توقيع هذه الاتفاقية، التي تجرد سوريا من سلطاتها، والحفاظ على أمن أرضها وشعبها.
وما يدعو للقلق من توقيع هذه الاتفاقية، أن يتبعها اتفاقات أخرى، وخاصة في مجال الاقتصاد، ودخول كبريات الشركات التركية في محاولة لضرب الاقتصاد والتجارة في سوريا، عن طريق الاستثمار في عملية إعادة البناء، والمواد الغذائية، والمجالات الأخرى، ما سيؤثر على استثمارات السوريين، وأيضا ستوجه ضربة قاصمة للمعامل والشركات السورية نفسها، وهذا ما يجعل سوريا رهينة للإملاءات التركية.
تركيا تخطط للقيام بدور رئيسي في سوريا، وهذا ما يثير حفيظة دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، وأيضا سيشكل مصدر قلق لإسرائيل، ما قد يدعوها للتدخل وإيقاف المد التركي، على اعتبار أن المحيط العربي هو الأسلم للنهوض بسوريا الجديدة، ولكن تأخر هذه الدول العربية في هذه المسألة، قد يحقق لتركيا معظم أهدافها في سوريا. لذا؛ من واجب الدول العربية عامةً، التدخل والوقوف أمام الأطماع التركية في المنطقة، وسوريا بشكل خاص، لأنها ستضر بمصالحها في الدرجة الأولى.
الوجود التركي وإقامة القواعد في سوريا، سيشكلان خطراً على الشعب السوري، وخاصة مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، لأن الهدف التركي من هذه القواعد سيكون بالدرجة الأولى، ضرب الإدارة الذاتية، وقوات سوريا الديمقراطية، واستهداف الأمن والاستقرار في المنطقة. لذا؛ على الإدارة الذاتية توجيه رسائل وتكثيف العمل الدبلوماسي، وإجراء اللقاءات مع الدول الفاعلة في الملف السوري، وخاصة الولايات المتحدة، والتحالف الدولي، للوقوف أمام الأطماع التركية، والحد من تدخلاتها في سوريا والمنطقة.