تأليف وإعداد/ فاتن أزدحمد
فاطمة هي شابة فلسطينية، وُلدت في مخيم “برج البراجنة” في لبنان، نشأت في خضم حياة اللجوء التي لم تخترها، لكن رغم ذلك، كانت دائماً تحمل في قلبها حلماً لا يفارقها “العودة إلى فلسطين، إلى مدينة طوباس، مسقط رأس والدها”.
منذ طفولتها، كانت فاطمة تسمع من والدتها وأجدادها قصصاً عن طوباس، تلك المدينة الفلسطينية التي عاش فيها أجدادها قبل النكبة، كانوا يتحدثون عن جمال الطبيعة هناك، عن الجبال الشامخة التي تحيط بالمدينة، والوديان الخضراء التي كانت تسقي الأرض بعطاء، وعن الذكريات التي تركوها وراءهم، كانت هذه القصص تزرع في قلب فاطمة شوقاً جارفاً، وكان الحلم بالعودة يملأ تفكيرها يوماً بعد يوم.
لكن الحياة في مخيم برج البراجنة لم تكن سهلة، الحواجز على كل جانب، ظروف العيش الصعبة، وقلة الفرص التي كانت تتاح لها ولأبناء المخيم جعلت فاطمة تشعر بالثقل، كانت تكافح كل يوم لتتخطى تحديات الحياة، لكنها لم تكن تشعر باليأس. كانت دوماً تجد في نفسها قوة وحافزاً كبيراً لتكمل مسيرتها الدراسية. اختارت فاطمة دراسة “الغرافيك ديزاين” في الجامعة، وكان حلمها أن تصبح مصممة مشهورة لتساهم في التعبير عن قضايا شعبها من خلال الفن.
وفي كل يوم، كانت فاطمة تزداد ارتباطاً بفكرة العودة إلى طوباس، كانت تجلس في غرفتها الصغيرة في المخيم، تتأمل شوارع المخيم الضيقة، وتخيل كيف ستكون حياتها في فلسطين، كانت تحلم بشدة أن ترى نفسها ذات يوم تجلس تحت شجرة زيتون في مدينتها طوباس، بين أهلها وأصدقائها، بعيدة عن الحواجز والأسلاك الشائكة. كانت تطمح أن تسهم في إعادة بناء حياتها في وطنها، لا أن تكون محاطة بكل تلك القيود في المخيم. “كيف لي أن أعيش حياتي كامله في هذا المكان، بينما وطني ينتظرني؟” كانت تسأل نفسها دائماً، وفي ذهنها تتردد صورة طوباس، المدينة التي تعلم أن حقوقها في العودة إليها هي حق مشروع، لا يمكن لأي أحد أن يسلبها إياه. “من حقي العودة إلى وطننا، من حق كل فلسطيني أن يعود إلى أرضه، وهذا لن يتغير مهما طال الزمن”، كان ذلك هو ما تؤمن به فاطمة بكل قلبها.
كان الفقر والظروف الصعبة في المخيم لا يمنعانها من أن تطمح بالأفضل، وعندما كانت تشارك زميلاتها في الجامعة في مشاريع “الغرافيك ديزاين”، كانت دائماً تتخذ من قضايا وطنها وأرضها مصدر إلهام. كان عملها الفني يعكس آلام اللاجئين الفلسطينيين وتطلعاتهم للعودة. كانت تصمم لوحات تعبيرية تظهر صورة فلسطين التي لا تموت في قلوب أبنائها، وتصنع مشاريع تسلط الضوء على حقوق الشعب الفلسطيني في العودة.
لكن رغم التحديات، كانت فاطمة تأمل أن تفتح لها دراستها فرصاً جديدة. كانت تعلم أن طريق العودة إلى فلسطين ليس سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً. ورغم شعورها بالغربة في المخيم، كانت تؤمن أن الفلسطينيين لن ينسوا يوماً أرضهم، وأن الأجيال القادمة ستواصل نضالها من أجل العودة.
ذات يوم، وفي ختام أحد دروسها في الجامعة، كتبت فاطمة مقالاً حول حق العودة، قالت فيه: “إن فلسطين ليست مجرد جغرافيا، إنها ذاكرة، هي تاريخ وآمال وأحلام، وأينما كنت، ستظل فلسطين في القلب، ولن يوقفنا شيء عن المطالبة بحقنا في العودة، نحن لا نطلب سوى العودة إلى أرضنا، إلى طوباس، حيث نشأت عائلتي، حيث أجدادي، وحيث حقي في الحياة الحرة الكريمة”.