زاوية تحت السطر ـ هيفيدار خالد
مرّ أكثر من أسبوع على الهجوم الإسرائيلي ضد إيران، وما زال التصعيد سيد الموقف بين الطرفين. إن قراءة مستقبل هذه المواجهة بات شبه مستحيل في ظل سرعة التطورات، وتبدّل ملامح التحالفات السياسية، واختلال موازين القوى في المنطقة، ومن المرجّح أن يكون لهذا التصعيد انعكاسات سلبية على قوى إقليمية تحاول ترسيخ نفوذها في المدى البعيد.
المواجهة مستمرة، ومن المؤكد أن هذا الصراع سيخلّف تداعيات جسيمة على المشهد العام في الشرق الأوسط. جميع السيناريوهات، حتى أشدّها خطورة، باتت مطروحة على الطاولة، في ظل التصريحات النارية والتهديدات المتبادلة. وربما تمهد هذه التطورات الطريق لانهيار النظام الإيراني، الذي قد يجد نفسه في مواجهةٍ مباشرة مع قوى إقليمية ودولية عازمة على اقتلاعه من الجذور، وقد تدخل البلاد في مرحلة من الفوضى العارمة لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ عقود، يصعب على أي قوة في العالم كبح جماحها أو السيطرة على تداعياتها.
ولنا في العراق مثال واضح؛ فرغم مرور أكثر من عقدين على التدخّل العسكري الأمريكي، لا تزال آثاره الكارثية حاضرة، والعراق لم يتعافَ بعد من التبعات المدمّرة لذلك التدخّل.
الحروب تخلّف مآسي وكوارث لا تحصى، وتعصف بحياة الشعوب وتزيد من معاناتها. والشعوب الإيرانية اليوم مهددة بالمصير ذاته، ما لم تبادر إلى تنظيم صفوفها، وتوحيد كلمتها، لا سيما أنها ترزح منذ عقود تحت وطأة القمع والاستبداد، فإن هي وحّدت إرادتها، وبذلت جهودًا جادة في العمل النضالي والسياسي، فإن حركتها تلك قد تكون علامة فارقة في تاريخ البلاد والمنطقة بأسرها، ذلك أن نضال الشعوب من أجل الحرية والكرامة لطالما شكّل نقطة تحوّل في مسيرة الكفاح الإنساني، ومصدر إلهام في مقاومة الظلم والطغيان.
ينبغي على الشعوب الإيرانية أن تُدرك أن الحلول القادمة من الخارج ليست سوى أوهام، ولا يمكن أن تداوي جراحها الغائرة أو تلبّي تطلعاتها الحقيقية، فالتاريخ لم يشهد تدخّلاً خارجياً – وخصوصاً من الولايات المتحدة – قدّم حلاً جذرياً لمعاناة الشعوب، بل غالباً ما كانت تلك التدخّلات سبباً في تعميق الأزمات.
من هنا، فإن على الشعوب القومية والثقافية المتعايشة في إيران أن تتوقف عن التعويل على وعود القوى الخارجية والأنظمة الدولية، فهي لا تهتم بمصالح شعوب المنطقة، بل بمصالحها الجيوسياسية والاقتصادية.
لذا؛ من الضروري أن تتجه الجهود نحو العمل في ميادين السياسة والاقتصاد والمجتمع، للتصدي لسياسات النظام الإيراني القمعية ونهجه الإقصائي، القائم على إنكار الهويات الثقافية والأصالة القومية للشعوب، وينبغي تصعيد النضال من أجل إقامة نظام ديمقراطي شامل، يضمّ الجميع دون استثناء، ويكون قادراً على تلبية مطالب جميع مكوّنات المجتمع، في إطار دولة حرّة ديمقراطية بيئية، تسعى لتحقيق العدالة والكرامة للجميع.
ولا بد أن يكون تحرير المرأة محوراً أساسياً في هذا النضال، باعتباره مقياساً جوهرياً لجدية المشروع الديمقراطي وعدالته، فحرية المرأة ليست قضية فرعية، بل هي قاعدة لأي نهوضٍ حقيقي، وأساسٌ لكل كفاحٍ عادلٍ ومُنصف.