هيفيدار خالد
انعقد قبل أيام ما يُسمى مؤتمر الحوار الوطني السوري في العاصمة السوريّة دمشق، دون مشاركة طيف واسع من أبناء الشعب السوري، الأمر الذي أثار استياءً كبيراً وغضباً في الشارع السوري، وحالة من عدم الرضا من السوريين الذين قدموا تضحياتٍ عظيمة في وجه سياسات حزب البعث التي كانت تكرس الإقصاء باستمرار لسنوات طوال.
هذا المؤتمر الذي عُقد سريعاً وجاء خدمةً لأجندة إقليمية تريد السيطرة على الوضع السوري، لم يُمثل أبناء الشعب السوري كافة، بعد أن أقصيت العديد من مكونات الشعب السوري، فهو يمثل فقط الذين شاركوا فيه، وهم تابعون لحسن الدغيم التابع لاستخبارات دولة الاحتلال التركي بشكلٍ مباشر، ويتلقى تعليماته وتوجيهاته من أنقرة.
اللافت في هذا المؤتمر أنه حتى ما تسمى بالمعارضة السورية لم تشارك فيه، لا سيما الشخصيات التي وقفت لسنواتٍ كثيرة في وجه سياسات حزب البعث والنظام السوري السابق، وقضوا نصف حياتهم في سجونِ البعث، وعُرفوا بمواقفهم الوطنية، إلا أنهم لم يشاركوا في المؤتمر الذي يقرر قرارات تخص مصيرهم ووطنهم وشعبهم، كما أقصى المؤتمر الشخصيات التي كانت في المعتقلات السوريّة قبل الآن ولم نشاهد حضور أحد منهم في هذا المؤتمر.
كما لم يتم استدعاء مجلس سوريا الديمقراطية للحضور والمشاركة، باعتباره مجلساً سوريّاً معارضاً وله مشروع وطني قادر على حماية سوريا وشعبها بمكوناته كافة، وله استراتيجية واضحة حيال الوضع السوري بشكلٍ كامل
إذاً هذا المؤتمر يُمثّل فقط من اجتمعوا في دمشق والتقوا هناك ويمثّل من يتبع لحسن الدغيم. لذا؛ فإن مُخرجات هذا المؤتمر لا تمثّل الشعب السوري، فهي تكرّس سياسات حزب البعث ونظام بشار الأسد ولا تحمل أي توجه يخدم السوريين، وليس فيها أي مشروع حقيقي من أجلهم، كما أن ما جرى لا يتماشى مع روح القرار الأممي ٢٢54 الذي أكد اجتماع الرياض والعقبة بأنه الحل الأمثل لسوريا الجديدة.
هذا المؤتمر بمخرجاته لا يستطيع أن يقود سوريا نحو الأمن والاستقرار، ولا يرتقي إلى تطلعات الشعب السوري الذي يستحق المشاركة في اللقاءات والحوارات كافةً التي تمس قضيته لتحديد خريطة طريق للخروج من الأزمة التي يمر فيها، كما أن هذا المؤتمر لا يمثّل مستقبل سوريا بصورةٍ حقيقية، وهو يمثّل فقط مستقبل الذين اجتمعوا في هذا المؤتمر.
مؤتمر دمشق استطاع أن يتطرق إلى تصريحات نتنياهو بخصوص سوريا، بينما لم يستطِع أن يتطرق إلى هجمات دولة الاحتلال التركي على الأراضي السورية، برغم أننا نشاهد يومياً كيف يتحدث وزير خارجية النظام التركي حقان فيدان بأمور تتعلق بالشأن الداخلي السوري، وكأنه وزير سوري أو الناطق الرسمي باسم السلطات الموجودة في دمشق.
الواقع سلبي والمشهد مُعقد، وهناك لوحة تشاؤمية للغاية فيما يخص الوضع السوري في ظل حكم السلطات السوريّة الجديدة وقراراتها السريعة وغير المدروسة، وهذا يفرض على جميع الأطراف السوريّة الوطنية العمل الجاد للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.
إلى أين سيأخذ هذا المؤتمر سوريا لا نعلم، لأنه بهذه الحال لا يمكنه تحقيق مسار حقيقي للسير إلى مرحلة الانتقال السياسي، وبالتالي تحقيق العدالة الانتقالية للجميع.