قامشلو/ دعاء يوسف ـ تزينوا باللباس الشامي، مروضين العصيّ لتنساب أناملهم يتمايلون طرباً على ألحان كلماتهم، فيما تتضارب التروس والسيوف الملوحة في الهواء؛ تعزف سيمفونيتها الخاصة في لوحة تكملها أصوات قارعي الطبول، فرقة “عراضة سيف الشام” التي تغنت بمزيج شعبي من مختلف مناطق إقليم شمال وشرق سوريا ملونين المنطقة بجمال كلماتهم.
بسبب الإقبال الكبير للشباب على الفن في مدينة قامشلو، اجتمع الفلكلور الثقافي لمناطق إقليم شمال وشرق سوريا في فرق موسيقية تقدم عروضها المتنوعة في الحفلات والأعراس والفعاليات التي تقام في المنطقة. فكان للسريان والأرمن والعرب والكرد فرقهم الخاصة، ليمثلوا شعوب المنطقة كافة، ونتيجة لذلك، قرر شقيقان تشكيل فرقة لتقديم عراضة شامية في مدينة قامشلو، ليكملوا هذه اللوحة الفسيفسائية التي تشكلت في إقليم شمال وشرق سوريا.
عراضة شامية في قامشلو
لقد بدأ الشاب “حسام عزيز السيد أحمد” من مدينة قامشلو بالتحضير لفرقة خاصة لتقديم عراضة شامية في قامشلو، تحت مسمى “عراضة سيف الشام” في أواخر عام 2024.
وعن إقدامه وتشجيعه على تطبيق هذه الفكرة، تحدث الشاب “حسام أحمد” لصحيفتنا روناهي: “لقد عملنا سابقاً في فرق لتقديم عراضات شامية بدمشق، وبسبب نجاحنا الكبير، فكرت بنقل هذا الفلكلور الشامي إلى مدينة قامشلو”.
لم يكن الأمر سهلاً على حسام وشقيقه أحمد، بسبب عدم توفر أعضاء وألبسة خاصة بهذه الفرقة آنذاك، ولكن تولع الشباب في الأفلام الشامية دفعهم لتجربة هذه الفكرة الجديدة؛ ما ساعد على سرعة تشكيل أعضاء الفرقة، وقد أحضر “حسام أحمد” اللباس والأدوات من مدينة دمشق، وزين شبان عراضة سيف الشام مكتبهم بالطابع الشامي بأيديهم، وهذا ما زادهم إعجاباً وتعلقاً بما يقدمون: “لكل حائط قصة، فقد دمجنا تراثنا وفلكلورنا مع التراث الشامي لنعبر عن سوريا كافة”.
وعن الصعوبات التي واجهتهم في البداية، أوضح أحمد: “بدايةً، عانينا من شحن المعدات لأن النظام المخلوع لم يوافق على شحن اللباس والسيوف والتروس، فلم يقبل بنقل التراث الشامي إلى مناطقنا، ولكن بإصرارنا ومحاولاتنا العديدة، استطعنا شحن لباسنا ومعداتنا إلى قامشلو، لننطلق بتقديم عروضنا في أول حفلة عرس نحييه، وكان ذلك منذ شهرين تقريباً، حيث لاقت عروضنا قبولاً كبيراً من الأهالي، لأنها فكرة جديدة وخارجة عن المألوف”.
فقدمت العراضة مجموعة من العروض بالسيوف والتروس التي يرافقها قارعو الطبول، وهناك أيضاً من يلوحون بالعصي بطرق استعراضية متقنة، إلا أن المميز في عراضة سيف الشام أنها ضمت شعوب إقليم شمال وشرق سوريا من كرد وعرب وسريان بالإضافة إلى شبان من الداخل السوري أيضاً.
وعن رحلتهم القصيرة بتقديم عروضهم في قامشلو، تطرق أحمد: “بدأت فرقتنا بستة أشخاص فقط، ومع مشاركتنا وتقديم عروضنا في الأعراس والحفلات، أصبح عدد أعضاء فرقتنا40 شخصاً، بثلاث مدربين مميزين لتعليم العروض الاستعراضية”.
وحول الحفلات التي قدموها حتى الآن، بين أحمد: “لقد أحيينا بفترة قصيرة 25 حفلة، من استقبال للحجاج وأعراس وحفلات خطبة، وافتتاح محلات تجارية وغيرها”.
ويرى أحمد، أن فرقتهم تميزت بخليط من الشعوب السورية في أسرة واحدة متكاتفة تشترك بالعمل الموحد والمتناسق لتكمل فسيفساء الفلكلور السوري في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا.
إكمال لوحة الفلكلور السوري
ومن جانبه، حدثنا مدرب السيف والترس في فرقة عراضة سيف الشام “محمد رضوان عشيش” والذي انضم للفرقة بتاريخ 11/11/2024، أنه يعد أعضاء الفرقة كأفراد عائلته، إذ تلقوا تدريباتهم من معلميه، وقد كانوا خير عون له.
وعن شعوره في تقديم أول عرض له: “لقد كان الأمر في البداية صعباً، ولكنني عندما رأيت الناس تتفاعل معنا تحمست للاستمرار”.
فيما يرى مدرب العصا في الفرقة “صالح سلام علي”، إن ما يقومون به ليس سهلا؛ لأن الفرقة تواجه صعوبات في تأليف الأناشيد، التي سيلقونها في العراضة: “نعمل معاً في كل شيء مهما كان صغيراً، كما نؤلف كلمات الأناشيد للأعراس، وهذا ما ساعدنا على النجاح، فالعراضات الشامية تكون جاهزة في الكتب وتؤدى في العروض بسهولة، ولكن فرقتنا تبدع بأدق تفاصيل عروضها”.