روناهي/ قامشلو – طالما كانت الثقافة والفن مرآة الشعوب وصدى صوتها، ولم يكن من العبث أن يصف البعض المثقف بأنه ضمير الشعوب الحية وعينها الناظرة والساهرة ولسان حالها.
من هذا المنطلق وبعين الحرص يرى المثقفون في سوريا وخاصة في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا ما يدور على مساحة جغرافيتها من حراك سياسي وشعبي، وكانت الأحداث المتزاحمة محط أنظارهم ومصدر ترقب لما يحدث وخاصة بعد سقوط حكم مستبد وتسلم زمام الأمور من سلطات وإدارة جديدة ماضيها يثير الجدل وحاضر لا يبشر بخير.
في هذا الصدد؛ أصدر اتحاد مثقفي روج آفاي كردستان بيانا أوضح فيه عدم الرضا مما يجري على الأرض من محاولات تقوم بها حكومة هيئة تحرير الشام وما أسمته باللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، وما تقوم به من حوارات واجتماعات إقصائية محاولة تهميش وإقصاء شعوب وشرائح وجماعات عديدة من المجتمع السوري، مبينة إن ما يجري يفضي إلى عودة للاستبداد وتشجيع على استشراء الفتنة والنزاعات في البلاد. وفيما يلي نص البيان: “بعد سقوط نظام البعث الاستبدادي في سوريا، توسم السوريون بأطيافهم كافة، كما العالم أجمع، أن تكون الإدارة المؤقتة في دمشق على قدر مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية والتاريخية اتجاه الوطن والشعب السوري، وأن تتصرف بما تمليه عليها استحقاقات المرحلة والشرعية الدولية وفق قراراتها عامة، وتلك التي تخص الوضع السوري على وجه الخصوص، في التأسيس لمرحلة انتقالية عادلة وشاملة تمثل أبناء الوطن السوري.
وكانت الأنظار متوجه إلى مظلة شاملة تمثل كل مكونات الشعب السوري في مؤتمر وطني سوري شامل وتأسيسي دون إقصاء أو تهميش وبعيداً عن أية اعتبارات وانتماءات أحادية أو عقائدية أو أيدلوجية ومذهبية. تنبثق عنه لجان مهنية فيما يخص صياغة مسودة الدستور وتشكيل حكومة انتقالية شاملة، وتهيئة البنية التحتية لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين، وتأمين الاحتياجات الضرورية للشعب السوري. إلا إن إدارة دمشق دأبت من البداية إلى التسويف والتأجيل والالتفاف على الاستحقاقات الداخلية الملحة من خلال التوجه للخارج وتشكيل حكومة مؤقتة من لون واحد.
وقامت بالتحايل على المطالب الشعبية واستحقاقات المرحلة، واستبدال المؤتمر الوطني السوري العام بمؤتمر للحوار الوطني غير ملزم وغير مخول باتخاذ القرارات. وذلك بتشكيل لجنة تحضيرية لا تختلف من حيث التوجه الأيديولوجي والمذهبي عن الحكومة المؤقتة. كما أن طريقة الإعداد لجلسات الحوار الوطني لم تخلُ من أساليب المراوغة والالتفاف الشبيهة إلى حد كبير بأساليب النظام البائد”.
وتابع البيان: “كما حدث فيما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني لأبناء محافظة الحسكة الذي عقد في دمشق، حيث بدا واضحاً، أن اللجنة التحضيرية تعمدت وبشكل مراوغ الالتفاف حول الشرعية الشعبية من خلال تعمد إقصاء واستبعاد القوى السياسية والوطنية، والاستعاضة عنها بأشخاص وأفراد أقل ما يقال عنهم أنهم لا يمثلون سوى أنفسهم، وهم غير مخولين بالمشاركة باسم المجتمعات التي ينتمون إليها.
وعلى الصعيد الكردي كان الأولى بمنظمي جلسات الحوار مخاطبة الحركة السياسية الكردية المنظمة والنشطة، وكذلك الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقواها العسكرية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية قسد، التي قدمت التضحيات في سبيل الحفاظ على وحدة وسيادة البلاد، وحاربت على مدى أكثر من عقد من الزمن أعتى منظمة إرهابية في العالم المتمثلة بتنظيم داعش الإرهابي”.
وأضاف: “إلا إن الحكام الجدد في دمشق اختاروا منطقاً ملتوياً من خلال التواصل بطريقة مشبوهة مع أشخاص، وأفراد لا يمثلون المجتمع الكردي في سوريا ولا حركته السياسية والثقافية والاجتماعية. إننا في اتحاد مثقفي روج آفاي كردستان (HRRK) نعدَّ أن نهج إدارة دمشق في إدارة المرحلة الانتقالية لا يتفق مع آمال وطموحات السوريين، ولا يؤسس سوى لمرحلة جديدة من التهميش والإقصاء والتسلط، وعليه فإننا ندعو إدارة دمشق إلى الابتعاد عن نهج المراوغة والتسويف واستغلال جراح السوريين، ومأساتهم من أجل تحقيق مصالح فئوية معينة، وبالتالي إعادة البلاد إلى دوامة القمع والقهر والعنف والاستبداد. والعمل بدلا عن ذلك على الوعود التي قطعتها منذ البداية للشعب السوري وللشرعية الدولية، بعقد مؤتمر وطني سوري جامع وشامل والإعداد لحكومة انتقالية حقيقية، وتشاركية وعادلة”.
واختتم البيان: “وكردياً فإننا نعدُّ مشاركة بعض الأشخاص في مؤتمر الحوار المشبوه، هو نسف لمساعٍ توحيد الصف الكردي وتوحيد الخطاب الكردي وتشكيل مرجعية كردية موحدة مخولة بتمثيل الشعب الكردي ومطالبه المحقة تمثيلاً حقيقياً. كما أننا نعدُّ مشاركة تلك الحفنة في مؤتمر الحوار طعنة في ظهر الحركة الكردية في سوريا، وفي ظهر قواته العسكرية التي ضحت بدماء آلاف الشهداء في سبيل الحقوق المشروعة للشعب الكردي في سوريا.
اتحاد مثقفي روج آفاي كردستان (HRRK)
قامشلو 23/02/2025”