هيفيدار خالد
تشهد منطقة الشرق الأوسط حالة من الصراعات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى تدخّلات القوى الخارجية في شؤون دولها الداخلية، وهو ما أدى إلى خلق حالة من الفوضى المستمرة، وتعقيد الأزمات التي تُعرقل أي مسار للحلول السياسية والديمقراطية، والاتجاه إلى الأساليب والحلول العسكرية، مستغلةً في ذلك التطور التكنولوجي، والعلمي خدمةً لحروبها في المنطقة.
يوجد في منطقة الشرق الأوسط شعوب وأقوام كثيرة، منها ما تعيش صراعات تاريخية ذات طابع دموي اتسم بالغدر والخيانة في بعض الأحيان، بفعل التدخّلات الخارجية التي أججت من هذه الصراعات فكان منها الطائفية والمذهبية والعرقية والدينية والأيديولوجية، ما أغرق شعوب المنطقة في حالة من الفوضى حتى أنها تحولت إلى مستنقعٍ يصعب الخروج منه بسهولة في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم برمته.
فالصراعات المتعددة في المنطقة تخلق حالة من الحروب المستمرة على سبيل المثال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والصراع العربي الإسرائيلي والصراع الكردي التركي والصراع الإسرائيلي الإيراني، والعديد من القضايا العالقة التي تنتظر الحلول الجذرية، وسط كل هذه الصراعات والخلافات فهناك مساعي حقيقية لإيجاد حلول فورية لها من قبل أطراف وكيانات وجماعات أهلية من المنطقة تؤمن بأهمية الحوار للخروج من أي أزمة منتصرةً، لكن هذه المساعي تصطدم في بعض الأحيان بمصالح القوى الدولية التي ترى في المنطقة ساحة لتكريس هيمنتها وسلطتها على العالم بشكلٍ كامل.
دائماً ما يرتبط أسماء الزعماء الذين يقودون العالم بعمليات السلام في الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص في الدول التي تشهد حروباً تشارك فيها أطراف عديدة سواء من قريب أو بعيد، وهو ما يخلق حالة من عدم الاستقرار، وبالتالي إطلاق مبادرات تحت مسمى إنهاء الحرب أو تسوية الأزمة أو إيجاد سُبل لنبذ الخلافات بين الطرفين، أو طرح مفاوضات للسلام، وعقد اتفاقيات حقيقية على أسس ديمقراطية، إلا إننا في كثير من الأوقات نشهد عكس ذلك، لتصل إلى حد تعقيد الحلول لا تسهيلها.
هنا بإمكاننا تسليط الضوء على أحد أعقد الصراعات وأطولها أمداً وهو الصراع الكردي – التركي، الذي يُعدُّ عدم إيجاد حل له المساهم الأكبر في تعقيد جميع أزمات المنطقة وعرقلة جميع السياسات والتوازنات والعلاقات، وبالتالي تهديد استقرار المنطقة كاملة. لذلك؛ من المهم في الوقت الرهن حل هذه القضية لتكون عاملاً مهماً على طريق الحل وإحلال السلام في المنطقة ولتساهم في عيش جميع الشعوب بحرية وفق مبدأ التعايش المشترك والسلم الأهلي، فلا أحد يستطيع محو هوية أي شعب كان بالقتل والحرب وآلة العنف التي ينتهجونها دوماً في وجه الأبرياء.
الشعوب التواقة للحرية والسلام هي الوحيدة القادرة على عقد السلام فيما بيننا… وأما مزاعم القوى العالمية والغريبة فهي من أجل عقد اتفاقات لحماية مصالحها بالدرجة الأولى، وعقد صفقات مربحة على حساب الشعوب. لذا؛ فإن تكاتف الشعوب وعقد الحوارات الوطنية معاً هي السبيل الوحيد كي يسود المنطقة الأمن والاستقرار الأبدي. شعوب الشرق الأوسط لها ميراث قوي في هذا الخصوص وتستطيع المضي في هذا الطريق النبيل.