هيفيدار خالد
يبدو أن تصعيد الوضع في منطقة الشرق الأوسط منذ بدء هجوم حركة حماس ضد المستوطنات الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول من عام 2023 يتسارع، وأن وتيرة هذا التسارع مثيرة للقلق إلى حدٍ كبير، ففي كل ساعة تقريباً تحدث تطورات قد تُغيّر جذرياً المشهد الجيوسياسي الإقليمي، وتفتح الطريق أمام تحولات كبيرة في ميزان القوى الدولي ضمن المنطقة.
عندما أعلن الرئيس الأمريكي في تصريحاتٍ رسمية قبل أيام، أن أمريكيا ستقوم بتحويل قطاع غزة الفلسطيني إلى ريفييرا الشرق الأوسط بمعنى، تحويله إلى منطقة سياحية وتكون تحت سيطرتها وإدارتها، وبالتالي يفرض تخلي الشعب الفلسطيني عنه لصالح إسرائيل التي خرجت منتصرةً من الحرب الأخيرة، بدعمٍ مباشر من واشنطن والدول الأوروبية التي استطاعت إسرائيل كسبها إلى جانبها في حربها ضد حماس وحزب الله اللبناني مؤخراً، اتضح المشهد أكثر من قبل، فقد أصبحت إسرائيل المستفيد الوحيد من هجوم السابع من تشرين الأول الذي شنته حماس ضدها.
يمكن تفسير ما يطرحه الرئيس الأمريكي من خططٍ ومشاريع في المنطقة، لا سيما في غزة وتهجير سكانها وتوطينهم في كل من مصر والأردن، على أنها استراتيجية واشنطن الجديدة في المنطقة، والتي تأتي في إطار جهود رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، وتسعى واشنطن لتنفيذ هذه الخطط عبر إسرائيل، وما يثبت صحة هذه المساعي والمحاولات والمخططات، التصريحات التي أدلى بها دونالد ترامب بأن إسرائيل ستسلم ملف غزة لأمريكا بعد الحرب.
خطة ترامب هذه أثارت ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والعربية والغربية، كما شكلت صدمة لسكان غزة، وسط وجود رفض شعبي، وحالة من السخرية من التصريحات، إلا أنَّ ترامب مازال مُصِراً على تنفيذ وعوده وأهدافه، في غزة بحجة أنه سيؤمّن حياة أكثر أماناً لهم في مناطق خارج بلادهم، إلا أن كل هذه التطورات ربما تعقّد المشهد العام أكثر، وبالتالي تعمّق من حالة عدم الاستقرار في أكثر المناطق اضطراباً في الشرق الأوسط والعالم، وتقلّص سُبل حلول القضية الفلسطينية بشكلٍ عادل وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
يعيش سكان غزة في ظروف إنسانية صعبة للغاية، حيث المساعدات الإنسانية القادمة من الخارج لا تُلبي كل المتطلبات ومقومات الحياة هناك، سيما أن القطاع تحول إلى خراب ودمار وأنقاض وركام بعد حرب استمرت لأيام طوال، فقد ارتفعت حصيلة ضحايا الحرب في غزة إلى 47,552 قتيلاً و111,629 مصاباً منذ السابع من تشرين الأول عام 2023، بحسب إحصاءات رسمية، كما أن الدفاع المدني في غزة كشف في تصريحات رسمية أن 10عشرة آلاف قتيل ما زالوا تحت الأنقاض ويعجزون عن انتشالهم جراء نقص المعدات اللازمة لعمليات رفع الأنقاض.
ومن المعلوم فإن خطة ترامب هذه ستزيد من معاناتهم أكثر، ومن هنا يتطلب إيجاد الحلول السلمية لمثل هذه القضايا، قضايا تخص تقرير مصير الشعوب، بعيداً عن الحروب والصراعات التي لا تجلب للمنطقة سوى القتل والعنف والدمار، والشعب الفلسطيني يستحق العيش بحرية وكرامة على أرضه بعد المعاناة التي تعرض لها.