جل آغا/ أمل محمد ـ أكدت نساء إقليم شمال وشرق سوريا، بأن محكمة بروكسل خطوة إيجابية وأمل شعوب المنطقة في محاسبة الاحتلال التركي، على جرائمه بحق المنطقة والنساء تحديداً، وأنهنّ في انتظار أن تتحقق العدالة قولاً وفعلاً.
لم تكن القضية الكردية هي السبب الرئيسي للاستهداف التركي مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، بقدر ما أراد هذا المحتل استهداف النساء والنيل من عزيمة المرأة الحرة. ومن خلال ثورة 19 تموز استهدف المحتل التركي عدة شخصيات نسوية بارزة، وارتكب بحق هذه الشخصيات جرائم شنيعة.
الصوت في إقليم شمال وشرق سوريا لم يتوقف يوماً للمطالبة بحق الشهداء والشهيدات، ومحاسبة دولة الاحتلال التركي على كافة الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين.
وضمن هذا الإطار، عقدت المحكمة الشعبية في بروكسل ببلجيكا، في الخامس والسادس من شباط الجاري، جلسة لمحاسبة المحتل التركي على جرائمه بحق إقليم شمال وشرق سوريا، بمشاركة محامين وصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، حيث تناولت المحكمة في جلستها الثانية الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الدولة التركية بحق المدنيين لمناقشة الأدلة والاستماع للشهود حول الانتهاكات التي ترتكبها الدولة التركية في إقليم شمال وشرق سوريا، بعد أيام من تصنيف المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان تركيا في المرتبة الأولى في قضايا الانتهاكات التي ارتكبتها خلال العام الفائت.
كما سلطت الضوء على الجرائم التي ارتكبتها ضد الرياديات والطليعيات ضمن ثورة التاسع عشر من تموز واللواتي كن رمزاً لنضال المرأة من أجل الحرية، وتناولت المحكمة قضية اغتيال الأمين العام لحزب سوريا المستقبل الشهيدة “هفرين خلف”، والتي اغتيلت في الثاني عشر من تشرين الأول 2019، من مجموعات “أحرار الشرقية” وقائدها المدعو “أبو حاتم شقرا”، وقضية اغتيال الرئيسة المشتركة لمجلس مدينة قامشلو الشهيدة “يسرى درويش”، ونائبة الرئاسة المشتركة الشهيدة “ليمان شويش” في العشرين من حزيران 2023، إثر استهداف مسيرة تركية سيارة كانت تقلهم على طريق قامشلو ـ تربه سبيه، كما تطرقت الجلسة لاغتيال الرئيسة المشتركة لمكتب العدل والإصلاح في مقاطعة الجزيرة الشهيدة “زينب سعيد محمد” في27 أيلول 2022، جراء قصف جوي شنته الدولة التركية على مفرق قرية تل جمان في كركي لكي.
خطوة ايجابية لنثأر لدماء شهدائنا
وعن هذا تحدثت والدة الشهيدة هفرين خلف، “سعاد مصطفى“: “تدعي دولة المحتل التركي أنها دولة العدالة والمساواة، ولكن جرائمها تُثبت عكس ذلك، ناضلت هفرين خلف من أجل أخوة الشعوب، ونادت بأن سوريا لأبنائها، اغتالوا هفرين وهي سياسية، كانت تحمل هاتفها المحمول والقلم، الشاهدان على همجية الدولة التركية، لو أنهم استهدفوها في أرضهم لكنت قلت هذا حقهم ولكنهم اغتالوها في أرضها، هم يحاربون أخوة الشعوب ويرغبون بأن تبقى المنطقة غير مستقرة فهذا يخدم مصالحهم، المحتل التركي أثبت وخلال عهود من الزمن أنه يخشى المرأة فهذا الكيان الحر يمكنه زعزعة جبروت هذه الدولة، لو تبقى من عمري يوم واحد سأطلب بدم شهيداتنا وشهدائنا”.
ونوهت سعاد، على أهمية انعقاد محكمة بروكسل كخطوة إيجابية لمحاسبة تركيا على جرائمها: “جلسة المحكمة في بروكسل هي حق لنا ومؤشر جيد وخطوة ايجابية لنثأر لدماء شهدائنا، بأي حق يتم تصفية شخصية سياسية مثل هفرين خلف على أرضها وعلى رأس عملها الإنساني؟ وبأي منطق يتم اغتيال يسرى وزينب وغيرهن من الرياديات؟”.
واختتمت والدة الشهيدة هفرين خلف “سعاد مصطفى”، حديثها: “لن أقبل أن يكون قاتل ابنتي قائداً ويترأس بلادنا أو قائداً لجيشنا، لن أسمح بأن تكون هذه الشخصيات الدموية تتحكم في مستقبل أبنائنا وشباننا، ولن تقوم أمة وتتطور وهي قائمة على الدماء، هؤلاء الشخصيات باعوا كرامتهم ومبادئهم ومستعدون لبيع أوطانهم، هؤلاء لا يستحقون إدارة بلادنا واستلام السلطة”.
تطبيق المحاكمة قولاً وفعلاً
وفي السياق ذاته، أشارت عضوة حزب الاتحاد الديمقراطي في كركي لكي “عائشة مصطفى“، إلى: “محكمة بروكسل تقضي بمحاسبة وملاحقة أردوغان نتيجة علاقته بالمجموعات الإرهابية والمرتزقة والجرائم التي ارتكبها في إقليم شمال وشرق سوريا، لهذه المحكمة أهمية كبيرة من حيث وجود العشرات من المحامين والقضاء والصحفيين، جرائم المحتل لا تزال قائمة من خلال استهداف البنى التحتية واغتيال الشخصيات النسوية البارزة ودعم المرتزقة، هذا ينحدر تحت مسمى جرائم الحرب، الدلائل موجودة على الانتهاكات التركية في المنطقة”.
ونوهت عضوة حزب الاتحاد الديمقراطي في كركي لكي “عائشة مصطفى”، في ختام حديثها إلى أن محكمة بروكسل تساهم بشكل فعّال في إسراع إصدار المحاكم الدولية الحكم بحق دولة الاحتلال التركي: “هذا النوع من المحاكم لها نتائج إيجابية ولكن الأمر يتطلب القليل من الوقت، وسنبقى ندعم قضيتنا ولن نتنازل عن مطالبنا في محاسبة أردوغان على جرائمه، هفرين خلف وزينب محمد وغيرهن، هنَّ رموز للنضال وهنَّ أيقونات للحرية، نطالب بمحاكمة عادلة، وإن كان الشهداء مدنيين والجاني دولة كاملة وسلطة فاسدة، إن تم محاسبة أردوغان والمسؤولين الذين شاركوا في جرائم الحرب في المنطقة حينها يمكننا القول: إن العدالة لا تزال موجودة”.
ويبقى تاريخ دولة الاحتلال التركي شاهداً على جرائمها بحق المدنيين العزل والنساء في إقليم شمال وشرق سوريا، وما ارتكبته هذه الدولة من جرائم يستدعي الأمر محاكمة دولية لأن انتهاكاتها في المنطقة هي جرائم حرب وإبادة.