قامشلو/ ملاك علي – في ظل الحديث عن مستقبل سوريا ومحاولات إعادة تشكيل المشهد السياسي، تُطرح تساؤلات حول شرعية مشاركة شخصيات متورطة في جرائم حرب وانتهاكات جسيمة ضد المدنيين، فنساء عفرين والشهباء يرفضن تشغيل المرتزقة للمناصب، ويؤكدن أن هذا النهج يعزز ثقافة الإفلات من العقاب ويقوض أي عملية سياسية لا تضمن المحاسبة والعدالة الاجتماعية وحقوق المرأة.
منذ احتلال مدينة عفرين عام 2018 من الاحتلال التركي، تعاني النساء المهجرات قسراً من بطش المجموعات المتطرفة والمرتزقة التابعة لدولة الاحتلال الترك، والتي ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق الأهالي، لا سيما النساء، وقد وثقت منظمات حقوقية عديدة جرائم القتل، والخطف، والاعتداء بحق النساء العفرينيات، حيث تحولت هذه المجموعات إلى أدوات للقمع والاستبداد؛ ما دفع آلاف العائلات للتهجير إلى مناطق أخرى.
وضمن مؤتمر خاص “مؤتمر النصر” عقد مؤخراً شارك مرتزقة ارتكبوا الجرائم بحق السوريين، وبخاصة في منطقة عفرين، والبعض الآخر كانوا قد ارتكبوا جرائم واغتيالات بحق ناشطات سوريات كما الشهيدة هفرين، ليتم تشغيلهم فيما بعد بمناصب ضمن سوريا الجديدة، الأمر الذي لاقى انتقاداً واسعاً بخاصة من قبل ذوي الضحايا، والناشطات النسوية وغيرهم من التنظيمات والمؤسسات العارفة بحقيقة تلك المرتزقة.
انتكاسة خطيرة لحقوق المرأة
أعربت لصحيفتنا “روناهي” نساء من عفرين المهجرات، عن رفضهم لمشاركة مرتزقة ارتكبوا الانتهاكات بحق أهالي عفرين والنساء بشكل خاصة، في بناء سوريا الجديدة.
سوسن خليل إحدى مهجرات عفرين تعبر عن استنكارها الشديد لتعيين شخصيات متورطة في انتهاكات جسيمة بحق النساء في عفرين في مناصب ضمن سلطة دمشق، معتبرةً أن هذه الخطوة تمثل انتكاسة خطيرة لحقوق المرأة بعد سنوات من النضال ضد العنف والتمييز.
وأكدت سوسن، أن النساء في عفرين تعرضن منذ عام 2018 لانتهاكات ممنهجة، شملت القتل، والاغتصاب، وزواج القاصرات، في ظل غياب أي محاسبة فعلية للجناة: “فوجئنا بانضمام هؤلاء الأشخاص إلى القصر الجمهوري، وكأن الجرائم التي ارتكبت في عفرين قد تم تجاوزها دون أي استجواب؛ ما يثير مخاوف حقيقية حول مستقبل سوريا بعد 14 عاماً من الحرب والمعاناة”.
وشددت سوسن، بصفتها امرأة تمثل صوت النساء في عفرين، رفضها المطلق لهذه التعيينات، وأن النساء لن يقفن مكتوفات الأيدي أمام قرارات تمنح القتلة والمعتدين مناصب رسمية في الدولة.
ودعت المنظمات الحقوقية والنسوية العالمية، سواء في الدول العربية أو الأوروبية، إلى التحرك العاجل ورفض هذه الخطوات التي تتنافى مع مبادئ العدالة والمساواة: “لا يمكن القبول بأن يُكافأ من انتهك حقوق النساء بمناصب في مؤسسات الدولة، يجب أن نقف يداً بيد لنرفض هذه القرارات، ونعمل على تمكين المرأة وحماية حقوقها”.
كما نوهت إلى ضرورة توحيد جهود النساء عالمياً لإعلاء صوت المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، مشيرةً إلى أن المرأة الحرة هي أساس المجتمع الحر، وأن النضال ضد الظلم والاستبداد لا يجب أن يتوقف.
واختتمت “سوسن خليل” حديثها بالتأكيد على أهمية التضامن بين النساء في أنحاء العالم، داعيةَ كل امرأة إلى الإيمان بقدراتها والوقوف في وجه الظلم والتمييز: “يجب أن نرفض العبودية بكل أشكالها، وأن نعمل معاً لنثبت وجودنا ونصل إلى الحرية الحقيقية”.
مكانهم المحاكمة وليس إدارة البلاد
ومن جهتها بينت المهجرة، “شيرين أحمد”، عن استنكارها الشديد لظهور شخصيات متورطة في انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، وعلى رأسهم حاتم أبو شقرا، ضمن المشهد السياسي السوري الجديد.
وأشارت شيرين إلى أن “حاتم أبو شقرا” أيضاً متورط في جرائم القتل والاغتصاب والنهب والسرقة التي شهدتها عفرين منذ عام 2018، وأن منح مثل هذه الشخصيات أدواراً إدارية في الدولة السورية، يعد استهزاءً بمعاناة الضحايا وتجاهلاً صارخاً للعدالة.
فيما أردفت إلى: “نحن نساء عفرين، نرفض رفضاً قاطعاً أن يكون هذا الشخص، الذي تسبب في تهجيرنا القسري، جزءاً من الإدارة الجديدة في سوريا، هذا القرار لا يمكن أن يقبله أي شخص، صغيراً كان أم كبيراً في عفرين”.
وناشدت المنظمات الدولية، وخاصة المعنية بحقوق المرأة، بالتدخل الفوري لوقف هذه المهزلة، مؤكدةً أن تعيين متورطين في جرائم حرب في مواقع إدارية يهدد مستقبل سوريا، ويزيد حالة الفوضى والانهيار الأخلاقي والقانوني.
كما طالبت النساء في سوريا، إلى التكاتف والوقوف جنباً إلى جنب ضد هذه القرارات المجحفة، “لأن الانتهاكات ضد المرأة العفرينية لم تتوقف منذ احتلال عفرين عام 2018، حيث لا تزال الجرائم مستمرة دون أي استجوابات فعلية للجناة”.