قامشلو/ دعاء يوسف ـ لا زال مكتب تجمع نساء زنوبيا في دير الزور يعمل على قدم وساق من أجل حل قضايا المرأة ومساندتها لتمكين نفسها في المجتمع، إلى جانب توعيتها بحقوقها المشروعة، مفتتحًا العديد من المشاريع الاقتصادية عام 2024، ومهتماً بالتوعية الفكرية للمرأة الديرية الفراتية.
وسط عادات وتقاليد عشائرية بالية وتواجد مكتب تجمع نساء زنوبيا في دير الزور لمساندة المرأة المهمشة التي حرمت من حقها الطبيعي في لعب دورها الفعال في المجتمع، وسعي مكتب تجمع نساء زنوبيا منذ تأسيسه في حزيران عام 2021 في المناطق المحررة في الطبقة والرقة ودير الزور ومدينة منبج سابقاً والمحتلة حالياً إلى تمكين المرأة في المجتمع.
ومنذ تأسيسه بدأ عمله بتشكيل المكاتب وتوحيد مجالس المرأة وإدارة المرأة لتصبح جميعها ضمن مكتب تجمع نساء زنوبيا، وقد تم تشكيل لجان تجمع نساء زنوبيا في دير الزور في الجزرات والصور والبصيرة وهجين والسوسة وأبو خشب وأبو حمام فيما يقع المكتب الرئيسي في منطقة الكسرات، ويتضمن عدة لجان وهي “التدريب والصلح والأرشيف والمالية والإعلام والاقتصاد”. وفي كل منطقة من المناطق المحررة يوجد مركز ويعمل الجميع بشكل منظم.
العمل على توعية النساء
كما يعمل تجمع نساء زنوبيا على تحرير المرأة من القيود التي كبلها المجتمع، وذلك من خلال حملات التوعية للمرأة في الريف والمدينة، وعمل على تقديم الدعم المعنوي والمادي للنساء والعمل على حل قضياهن.
وقد عانى التجمع من العقيدة العشائرية التي تتصف بها مناطق دير الزور، حيث أن المناطق الريفية والعديد من القرى في دير الزور مازالت تتبع العادات والتقاليد البالية، إلى جانب العديد من الأعراف والعادات التي تنهض بالمجتمعات، فالطبيعة الديرية غنية بالتنوع الثقافي والعادات التي تعد من الخصال الحميدة في المجتمعات، ولكن إلى جانبها بعض العادات التي اتصفت بطابع ذكوري ظالم للمرأة، وهذا ما أكدته الناطقة باسم تجمع زنوبيا في دير الزور ختام صالح المصلح: “نحن لا نتخلى عن عادتنا وتقاليدنا، ولكن البعض منها لا يناسب مع تطور المجتمعات التي نعيشها حالياً وأن المرأة تحدت التقاليد البالية، وأثبتت نفسها ووضعت لها مكانة خاصة في المجتمع”.
وقالت: “إن لتجمع نساء زنوبيا العديد من اللجان”، مبينةً أن لجنة التدريب مسؤولة عن تدريب وتوعية المجتمع وذلك من خلال الزيارات إلى النساء في المنازل اللواتي لم تتمكن بعد من فرض شخصيتهن، وكسر الأفكار الرجعية لعائلاتهن.
وقام مجلس التجمع بتنظيم عدة مسيرات منها المطالبة بالحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان ومنها مسيرة رجالية للعنف ضد المرأة، ومسيرات للتنديد بالهجمات من دولة الاحتلال التركي على إقليم شمال وشرق سوريا، ومسيرة لاستذكار الشهيدة جينا أميني، وألقى التجمع العديد من البيانات التي تدين وتستنكر استهداف وقتل النساء في إقليم شمال وشرق سوريا، كما أقيمت فعاليات عديدة من أجل القائد عبد الله أوجلان.
وعمل التجمع على إقامة العديد من الدورات التدريبية المفتوحة، والتي استمرت أسبوعا، كما قام التجمع بالقيام بدورات تدريبية في مؤسسات ومراكز الإدارة الذاتية الديمقراطية والتعريف بنظام عمل تجمع نساء زنوبيا ودار المرأة وقراءة النظام الداخلي لهما.
كما تأثر التجمع بالأوضاع الأمنية التي تمر بها مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، وبالرغم من العديد من المعوقات التي عانى منها تجمع نساء زنوبيا استمر في عمله لنشر فكر حرية المرأة، وسعى لحفظ مكانتها في المجتمع، وقد حقق تقدماً ملحوظاً على مدار سنتين من العمل الدؤوب.
الدفاع عن المرأة
كما تسعى نساء تجمع زنوبيا للدفاع عن المرأة والحد من العنف، وتغيير العادات والتقاليد البالية في المجتمع لحفظ مكانة المرأة في المجتمعات، وقد عملت على تلقي الشكاوى والقضايا في مكاتب الصلح ويعتمد عمل تجمع نساء زنوبيا على حل المشاكل التي تواجهها المرأة والأسرة في دير الزور دون اللجوء إلى المحاكم، لكن هناك بعض القضايا الشائكة، التي لا يمكن حلها فيتم اللجوء إلى المحكمة أو الشرع.
كما نوهت إلى إن لجنة الصلح هي العمود الفقري لتجمع نساء زنوبيا، موضحةً أن عملها يتضمن حل المشاكل الزوجية والصلح بين الطرفين: “أساس عملنا هو بناء مجتمع سليم، فنقوم بإعطاء مجال للصلح بين الطرفين لمدة أسبوع أو أكثر في حال تم الاتفاق فيما بينهم نصلح بينهم، أما إذا لم يتم فنساعد المرأة على أخذ حقوقها”، كما تطرقت إلى أنه في بداية التأسيس كان إقبال النساء قليل كثيراً بسبب الخوف، والخجل من إخراج خلافاتها العائلية، وعدم ثقتهم بنساء تجمع زنوبيا وقدرته على حفظ أسرارهم وحلها.
وبعد توالي القضايا التي حلت من قبل تجمع نساء زنوبيا، أصبحت النساء قادرة على رفع صوتها ضد العنف والظلم، إلا أن الزوج لم يكن يتقبل الفكرة، ويضرب الحجج أن عائلة الطرفين قادرة على حل الخلافات الحاصلة بينهما دون تدخل أحد إلا أن هذا الحل لم يكن ينصف المرأة دائماً، فتوضع المسؤولية على عاتقها، “منزلك، زوجك وأطفالك”.
وقد كانت القضايا التي تلقاها تجمع نساء زنوبيا من 2500 إلى 3000 قضية وتنوعت القضايا بين خلاف عائلي وزواج قاصرات وغيرها من القضايا، وقد بلغت نسبة قضايا الخلافات الزوجية 75% من القضايا، وزواج القاصرات 35%، و40% منها قضايا الحضانة والنفقة، وقضايا الضرب والإيذاء أقل من عشرة بالمائة، وهي تحول إلى النيابة تحويلاً شفهياً، والخلافات العائلية والخلافات العامة وتفصيل القضايا أقل نسبة تتحول الى ديوان العدالة منها ما لم يتم الاتفاق عليه ومنها بحاجة لقانون للفصل بين الطرفين، وأكبر نسبة هي القضايا التي تم حلها، فيما يستمر دار المرأة في حل القضايا.
وعن أبرز المشكلات، التي واجهت عملهم كانت بعد إصدار القوانين التي تمنع تعدد الزوجات، وزواج القاصرات، ومنع العنف بشكلٍ عام ضد المرأة، وذلك لعدم تقبل المجتمع لهذه القوانين، حيث تنتشر ظاهرة تعدد الزوجات وزواج القاصرات وخاصة في المناطق الريفية، التي يتم تزويج الفتاة فيها دون سن الثامنة عشرة.
مشاريع تدعم اقتصاد المرأة
سعى التجمع خلال عام 2024 إلى تقوية اقتصاد المرأة، وتوفير فرص عمل لها في القطاع الزراعي والاقتصادي، وافتتحت بعض المشاريع ومنها محل لتجارة الملابس النسائية في منطقة المعامل وذلك وفر فرصة عمل لامرأتين، بالإضافة لفرن المرأة الذي يقع في مدينة الكسرة ويوفر عمل لخمس نساء فقدنَ أزواجهن، وكذلك تم استثمار بستان لزرع 300 شجرة زيتون، وهو مشروع واعد لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بالإضافة لمشروع مطحنة المرأة والذي تعود إيراداته للمحل التجاري.