هيفيدار خالد
شهدتْ سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية تطورات متسارعة على الصعد كافة، وذلك بعد سقوط النظام السوري السابق وسيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة في البلاد.
ومُنذُ ذلك الوقت وحتى الآن تتواصل الجهود السياسية والدبلوماسية للوصول بسوريا إلى بر الأمان، والعمل من أجل التأسيس لبناء وخلق سوريا الجديدة التي يستطيع فيها جميع أبناء الشعب السوري العيش الكريم.
فقد كثَّفت الوفود الإقليمية والدولية والعربية المعنية والتي لها دور حاسم في هذا السياق الزيارات إلى البلاد، بالإضافة إلى زيارة وفود من الإدارة السوريّة المؤقتة إلى بعض الدول العربية وآخرها كانت زيارة وزير الخارجية السوريّة إلى تركيا، وعقدت تلك الوفود لقاءات مكثفة ومتواصلة بين جميع الأطراف المتداخلة في هذا الملف الشائك والمعقَّد؛ إلا أنه رغم ذلك تشهد البلاد حتى الآن فوضى أمنية كبيرة من النواحي كافة، إلى جانب هجمات تركيا المتواصلة على مناطق شمال وشرق سوريا، مستهدفةً المدنيين والبنى التحتية وسُبل العيش ومصادر الطاقة والكهرباء.
وعلى الطرف الآخر من البلاد يتعرض العلويون لانتهاكات على يد عناصر من المجموعات التي دخلت سوريا إبَّان الحملة التي شنتها حركة تحرير الشام، وانتشرت في العديد من المدن وتحاول الاستفادة من الفراغ الأمني الموجود وتنفيذ عمليات الانتقام وجرائم القتل وضرب المدنيين الأبرياء.
وفي جنوب البلاد حيث يعيش الدروز، الوضع ليس بأحسن حال، مقارنةً بالمناطق السوريّة الأخرى، كما نرى في المشاهد المصوّرة والمقاطع التي تنقلها وسائل التواصل الافتراضي، والتي معظمها يؤكد على أهمية التحرك بحذرٍ وعدم الانجرار وراء الألاعيب والمخططات التي تزجُّ السكان في صراعات لا ناقةَ لهم بها ولا جمل، ومجالات النأي بالنفس ممّا يحصل الآن.
عملياتُ الخطف والاعتقالات مستمرة والهجمات متواصلة بالإضافة إلى تنفيذ بعض الإعدامات الميدانية في الأماكن العامة، ولا أمن ولا أمان موجودان حتى الآن في العديد من المدن السوريّة، الجميعُ في حالة قلق وتوتر وبانتظار ما تؤول إليه الأوضاع في البلاد.
إلى جانب ذلك ما زال المصير الذي ينتظر المرأة قيد النقاش، وليس هناك وضوح حول مشاركتها في العملية السياسية القادمة ودورها الأساسي؛ لذا اليوم وأكثر من أيّ وقتٍ مضى يجب إنهاء فصول المأساة التي عاشها أبناء الوطن ويعيشونها حتى اللحظة، وهي مسؤولية تقع على الجميع.
الشعبُ السوريُّ بحاجة لعقدِ حوار فيما بينهم، وذلك بمشاركة جميع الشعوب السوريّة والأقليات الدينية والعِرقية، كما أنهم بحاجة إلى تكاتف حقيقي للنهوض؛ لأنَّ المشهد يبدو ضبابياً وغامضاً بالنسبة للجميع؛ خاصةً أن سوريا حالياً دون دستور؛ إذ توقف العمل بالدستور القديم بعد سقوط النظام السوري السابق، وسوريا الآن تعيش فترة فراغ دستوري وفراغ تشريعي، وهذه المرحلة مهمة وحسَّاسة للغاية، ويجب أخذ الحذر بهذا الخصوص.
ومن هنا يُتطلَّب من جميع السوريين العمل لحين عقد مؤتمر حوار وطني تشارك فيه الأطرافُ السوريّة ومن كافة ألوان الطيف السوري، ووضع حد ونهاية لسلطة الحكم الواحد واللون الواحد؛ لأنها لا تستطيع أن تُمثِّل جميع السوريين، حيث الغنى الثقافي والسياسي الذي تُعرَف به سوريا.