بيريفان خليل
عانت المرأة ولازلت من العنف بكل أشكاله سواءً في المجتمع الشرقي أو الغربي، فالشرقي يستند في تعامله مع المرأة على العادات والتقاليد البالية، وعلى الدين بمفهومه الخاطئ، لتعيش المرأة في حياة لا حول لها ولا قوة، دون معرفة بتاريخها وحقيقة ذاتها، وحقوقها المسلوبة، فـ “نعم” هي أداة للطاعة فيما تؤتمر به، وتلخص حياتها، على أنها أداة للإنجاب ومربية للأطفال، وربة منزل تلتهي بالأعمال المنزلية سواءً أكان العمل مخصصاً لها كامرأة أو هو بالأساس عمل يخص الرجل، بمعنى تلزمه قوى عضلية، هذا ميراث ورّثته الجدات لبناتهن ولحفيداتهن وهكذا.
أما المرأة في المجتمع الشرقي، فتحت ذريعة “نيلها لحريتها”، جردت من هويتها، فمن جهة كانت تمارس حريتها، بشكلٍ مناف للأخلاق ومن جهة أخرى كانت تخوض الحياة بذهنية الرجل، أو بمعنى آخر كما خطط له الرجل، وهكذا بقيت المرأة طيلة عقود من الزمن ضحية للذهنية الأبوية.
لم يكن هذا الواقع يُليق بنساء ارتشفنَ الفكر الحر من فلسفة القائد عبد الله أوجلان، ليبحثن عن هويتهن وذاتهن الضائعة في غياهب الجهل، وبدأن بثورة الحرية للمرأة والمجتمع ككل، لتنضج ثمرة جهدهن وتعلن عن ثورة المرأة (ثورة روج آفا أو كما تُسمى ثورة التاسع عشر من تموز) لتبدأ المرأة مسيرتها النضالية ضد العنف الممارس عليها، وكان للتدريب دور في ذلك، فمن خلال التدريب استطاعت أن توعي ذاتها والمجتمع ككل، لتعيش بهويتها، وتقرر بفكرها، وتقاوم بإرادتها، لا ننكر إنه في ظل هذه التطورات كانت تواجه تحديات كثيرة، فالذهنية والفكر الأبوي المترسخ في المجتمع، ليس بالسهل أن يُمحى بين ليلة وضحاها، ولكن الضحية كانت ثمناً للوصول إلى الحرية ولو لم تكن بالمستوى المطلوب.
داومت المرأة من جميع الشعوب المتعايشة في إقليم شمال وشرق سوريا وثابرت كثيراً لتنتشل كل امرأة من مجتمع ذكوري، وتصل بها إلى الفكر الحر، هنا توحدت رؤية المرأة لتجد في فلسفة “”jin jiyan azadî خلاصهن من الظلم والعبودية والاضطهاد.
وضمن هذا الإطار زادت من تكاتفهن وجاهدت لتوحيد الصف النسوي ليس فقط ضمن جغرافية إقليم شمال وشرق سوريا، بل تعدى ذلك لتصل إلى سوريا ككل، لا بل العالم أجمع عبر علاقاتها الدبلوماسية، ومن خلال نشاطات وفعاليات تخصُّ شأن المرأة.
واليوم المتلقيات والاجتماعات والنشاطات والفعاليات التي تُنظم ضمن هذا الإطار، تخدم هذا الأمر، في أن تناقش المرأة قضاياها بنفسها وتقرر وتضع الحلول بنفسها، فمعاناة المرأة الكردستانية، السوريّة، الإفريقية، السودانية، والإيرانية هي نفسها، والديكتاتور هو نفسه، وإن اختلفت الوجوه والشخصيات.
بالمجمل يمكننا القول بأن ملامح الحرية باتت تظهر في المجتمعات بقيادة نسوية تُصِرُّ بإراداتها على بتر أذرع الديكتاتورية والتسلط والعنف بكل أشكاله على المرأة والمجتمع ككل، بذهنية ذكورية، أقصت المرأة وجردتها من هويتها.