ليلى خالد
لم يعد الإعلام والصحافة السلطة الرابعة بل بات السلطة الأولى والأكثر تأثيراً على المجتمعات فهو قادراً تماماً على توجيه شعوب وإسقاط أنظمة ومدن، وتكوين البوصلة التي تُسيّر شعوباً بأكملها بالاتجاه المطلوب بحسب الجهة الممولة إسوةً بالمرحلة التي نمر بها من حروب وصراعات وهجرة وتهجير وقتل ونهب وسلب، والتي كانت بلاءً على الشعوب في الشرق الأوسط وباتت أكثر انجراراً وراء كل ما يُنشر على الصفحات المرئية والمسموعة والمقروءة ولأننا شعبٌ “اقرأ ولا نقرأ” ينجرُّ بهذيان وراء كل ما يُقال، لذلك استغلت الدولة التركية الفاشية ميدان الإعلام ووضعت كل ثقلها وحوّلتها إلى ماكينة إعلامية تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً لخدمة مطامعها ومصالحها الاحتلالية في هذه المرحلة الحساسة ورسخت كل طاقاتها المادية والمعنوية في الحرب الإعلامية الضخمة دعماً لجرائمها الخارجة عن القوانين الدولية والإطاحة بالحقوق الإنسانية وضربها بعرض الحائط.
من المهم جداً دراسة سياسة تحركات العدو وكشفها لمواجهتها بالسبل والطرق المضادة، فالمطلوب في خِضم ما نعانيه من أزمات وصراعات العمل الدؤوب بخبرة عالية وأكاديمية في مجال الإعلام بالإضافة إلى التركيز على الجانب التحليلي وعدم التغافل عن أي حدث صغير أو كبير، وأن يظل الإعلام العين الساهرة في مراقبة الأحداث وتحليل الوضع لإظهار الحقائق وفضح السياسات المزيفة وأجنداتهم عبر صفحاتها وكل ممارسات الأعداء من خلال العالم الافتراضي وخاصةً أن هناك بوادر أمل كبيرة تلوّح بالأفق لذلك يُعتبر الإعلام مهمة مقدسة على عاتق الإعلاميين وخاصةً المرأة التي لعبت دوراً مهماً في كل الميادين ونخص بالذكر ميدان الإعلام وكانت صوت الحق والحقيقة في مواجهة كل من يحاول كتم صوتها أو نعتها بفطرتها المقدسة (البيولوجية – الأمومة) وغض أبصارهم عن مكتسباتها في الثورة التي انبثقت من رحم ثورة روج آفا ووُلدت منها المقاتلات والدبلوماسيات والإداريات والإعلاميات اللواتي كنَّ صوت الحق والحقيقة وصرخة الثورة التي وصل صداها إلى كل أصقاع العالم.
دور الإعلام في هذه المرحلة التاريخية التي نمر بها، هو الاستمرار في نقل الصورة الحقيقية للشعوب والجماهير وتوعيتهم من خلال أدواته الأساسية الكاميرا والقلم، وتعرية الإعلام المزيف الذي يستهدف ثورة التاسع عشر من تموز في شمال وشرق سوريا وبالأخص تجربة الإدارات الذاتية الديمقراطية وفضح جرائم العدو والتركيز على حالة التعاضد والتآخي والعيش المشترك والتلاحم الشعبي الكبير في هذه المناطق التي باتت نموذجاً مختلفاً عن باقي المناطق في عموم سوريا قبل حكم النظام البائد (البعث) وبعده في ظل ما نعانيه من حالة الفوضى وانتشار الرعب والذعر والطائفية والقتل وتصفية غايات وتارات ضمن الفراغ الأمني الموجود حالياً، لذا علينا أن نسخر كل ما نملكه من صفحات وأجهزة إعلام ومحطات مرئية وسمعية وصحف مقروءة والترويج لثقافة الأخوّة ونشر الصورة الحقيقية للأمن والسلم التي تتمتع بها مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية وينشط فيها دور المرأة مع الحفاظ على فطرتها كأم مُنجِبة وامرأة خلّاقة ومقاتلة فذّة ودبلوماسية ريادية في المحافل الدولية.
مناطق شمال وشرق سوريا المتمثلة في إداراتها الذاتية الديمقراطية بمشاركة فعالة وقوية للمرأة بنسبة تعادل 50% هي المثال الأعظم لسوريا جديدة ولكل دول الشرق الأوسط.