في إطار ما شهده العالم من تحديات اقتصادية طالت تأثيراتها مختلف دول العالم، شكّل عام 2024 استمراراً لفترة مضطربة اقتصادياً على المستوى الدولي، نتيجة التوترات الجيوسياسية العالمية والإقليمية، ومواصلة تشديد السياسات النقدية في عدد من البنوك المركزية لمكافحة التضخم.
مع استمرار بعض التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد التي ما زالت لم تتعافَ بشكلٍ تام من آثار جائحة كوفيد -19، ومن بعدها الأزمة الروسية الأوكرانية، والتوترات في منطقة الشرق الأوسط.
وفي خِضم تلك التحديات العالمية، تأتي توقعات المؤسسات الدولية بشأن نمو الاقتصاد العالمي لعام 2025، فوفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي المتضمنة في تقريره بشأن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2024، من المتوقع استقرار وتيرة النمو العالمي عند معدلات دون المأمولة تُقدر بنحو 3.2% في عام 2025 وهي نفس المعدلات المتوقعة لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2024.
فيما توقع الصندوق تسجيل معدل نمو الاقتصاد العالمي لمستوى 3.1 % بعد خمس سنوات من الآن، وهو أداء يُعدُّ متواضعاً مقارنة بمتوسط معدل النمو المسجل قبل جائحة كوفيد 19.
على مستوى مجموعات الدول، توقع الصندوق تحسناً طفيفاً في معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة لتسجل 1.8% خلال عامي 2024 و2025، مقارنةً بـنحو 1.7% في عام 2023.
في المقابل، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادات الدول النامية والاقتصادات الناشئة بشكلٍ طفيف لتبلغ 4.2% خلال عامي 2024 و2025، مقارنةً بـ 4.4% في عام 2023.
مشيراً إلى أن الاضطرابات في إنتاج وشحن السلع الأساسية – وخاصةً النفط – والصراعات والاضطرابات والأحداث المناخية القاسية أدت إلى تراجع التوقعات المستقبلية لدول منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وإفريقيا جنوب الصحراء.
وفي المقابل تحسنت التوقعات بشأن معدلات نمو دول آسيا الناشئة، مدفوعاً بتزايد الطلب على أشباه الموصلات والإلكترونيات بسبب تنامي الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة في البنوك المركزية الكبرى، أشارت توقعات صندوق النقد الدولي إلى توقع مواصلة تراجع أسعار الفائدة في منطقة اليورو، بإجراء تخفيضات بمقدار 50 نقطة أساس في عام 2025، ليصل سعر الفائدة الأساسي إلى 2.5% بحلول حزيران 2025. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، توقع الصندوق أن يصل سعر فائدة الأموال الفيدرالية إلى مستوى توازنه طويل الأجل عند 2.9% في الربع الثالث من عام 2026.
وفي الإطار ذاته توقع البنك الدولي استمرار تراجع التضخم على الصعيد العالمي على نحو أبطأ مما كان متوقعاً، مما يُحرِز تقدماً نحو أهداف البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة والدول النامية، متوقعاً استقرار معدل التضخم العالمي عند مستوى 2.8% بحلول نهاية عام 2026، بما يتفق بشكلٍ عام مع أهداف البنوك المركزية.
ونظراً للضغوط التضخمية المستمرة، فقد توقع البنك الدولي أن تظل البنوك المركزية في كل من الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة والدول النامية حذرة في تيسير السياسة النقدية، مع تركيز صانعي السياسات على استقرار الأسعار، متوقعاً أن تظل أسعار الفائدة على مدى السنوات القليلة المقبلة أعلى بنحو ضعف متوسط الفترة 2000-2019.