هيفيدار خالد
يوماً بعد آخر، تتكشفُ أهدافُ وأطماع الدولة التركية في سوريا، وَسْطَ مخاوفَ كبيرة من نواياها بالمنطقة، وذلك من خلال تدخُّلها المباشر في الشأن السوري، مُستغلةً علاقاتها الوثيقة مع هيئة تحرير الشام والفصائل الإرهابية، التي أطاحت بالنظام السوري السابق وعلى رأسهم قائدُ الهيئة أحمد الشرع الملقب بــ “أبو محمد الجولاني”، فالواضح أنَّ مصالحَ تركيا الذاتية تطغى على مصلحة بناء الاستقرار في سوريا.
بعدَ ساعاتٍ قليلة من سقوط النظام السوري مطلعَ الشهر الجاري، سارعَ رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إلى الكشف عن أطماعه التوسعية، وما يريده من سوريا الجديدة، فأرسلَ وفوداً عديدة للقاء بالإدارة الجديدة بدمشق والتدخّل بشكلٍ مباشر في شؤونها الداخلية، الجميعُ يعلم أن للدولة التركية تاريخاً مليئاً بالتدخلات في الدول المجاورة وتحولت تدخلاتها تلك كما نرى إلى احتلال دائم وسيطرة أبدية.
من وجهةِ نظر أردوغان سوريا ولاية تركية تابعة له وتحولت مؤخراً إلى ساحة للحصول على الغنائم وتحقيق مكاسب جديدة على حساب الشعب السوري، هُنا تُطرَح العديد من التساؤلات، هل تتحول سوريا إلى ساحة للغنائم والمكاسب، وهل ستبقى سوريا موحدة في ظل هذه السياسات والتدخلات والانتهاكات والممارسات والزيارات التركية المستمرة؟ نعم، أردوغان وكلُّ مَن يتعاون ويتعامل معه يدفعون بسوريا نحو التلاشي واللا شيء.
محاولاتُ تركيا السريعة للتوجه إلى دمشق واللقاء بالإدارة الجديدة، جاءت ضمن إطار مساعيها الاحتلالية والعدائية للشعب السوري ومحاربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا وضرب المكونات السورية بعضها بعضاً، نعم، هناك إصرار تركي يستهدف المشروع الديمقراطي ويعمل بأن لا يكون للشعب الكردي حقوق في الدستور الجديد للبلاد وخاصةً في المستقبل السوري الذي يُكتَب الآن.
الشعبُ السوري عانى الويلات على يد النظام السابق بعد أن كان محكوماً بقبضة أمنية لا ترحم أحداً، بدءاً من الملاحقات وصولاً إلى قمع الحريات، النظام السوري كان مفرطاً في ظلمه، فهو الذي مارس الظلم بحق جميع الأطياف والأقليات الدينية والعرقية؛ لذا عليهم عدم القَبول بسلطة الأمر الواقع؛ بل يجب على الجميع النضال من أجل أن تكون سوريا للجميع وليس لفئة أو طائفة معينة، سوريا تلك التي تستحق نظاماً سياسياً لا مركزياً يعبّر عن مختلف أطياف الشعب ويضمن التعددية والعدالة.
على الجميعِ مناهضةُ الفكر الإرهابي المتطرف الذي يقوده أردوغان في سوريا من خلال استخدام السوريين أنفسهم، والسعي الحثيث لترسيخ أطماعه التاريخية في أرضهم، إنَّ على جميع السوريين الوقوف بوجه أطماع ومشاريع أردوغان التي يقودها تحت اسم الصحة والتعليم والسياحة والثقافة والأمن والدفاع والطاقة والنقل، كلُّها مشاريعُ وهمية؛ لتخدمَ في مضمونها تركيا، على الجميع التحرك والتأكيد على الدعوة للمؤتمر الوطني السوري العام لحل التغريبة السورية؛ لاعتماد دستور يحترم حقوق كافة السوريين.
الكلُّ -اليومَ- مسؤولٌ عن مواجهة التيار الإخواني الذي يريد التمدد في سوريا، وعلى الجميع مسؤولية عدم إفساح المجال أمام فوضى جديدة؛ لأنَّ الفاتورة سيدفع ثمنها الشعب السوري من دمه، ومن غيره سيدفع ثمنها! لأنَّها لن تكون مجرَّد كارثة إنسانية؛ بل ستكون لها تداعيات على المنطقة برُمَّتها، لذا يجب احترام حقوق المكونات في سوريا الجديدة والمطالبة بها ما دام فينا عِرقٌ ينبض، نعم، بتكاتف شعوب سوريا، سنسير نحو سوريا الجديدة، سوريا الحرة، سوريا المدنية.