محمد مثقال خضور
صباحُ الـخيرِ للشارعْ
لِأَرصفةٍ تُـحيطُ بهِ لِتحرُسَهُ
من التوَهانِ
تُرشِدُهُ إِلى العنوانِ
تَـحملُ عنه ما يـحتاجُ
مِن شَجَرٍ
ومِن مَقعدْ
……………
لأَسْفَلتٍ بلا مأْوى
ينامُ الليلَ مَكشوفًا
بِدونِ عباءةٍ تُـخفي النتوءاتِ
التي كَبُرَتْ مع الأَيامِ
مِن عَثراتِ مَن عَبَروا
بِبطءٍ نَـحوَ سيرتِـهِم
لأَنَّ يَقينَهُم
مُتعَبْ
……….
لنورٍ فوقَ أَعمدةٍ
يُـحِبُّ بَراءةَ الأَشجار
حين تكونُ غافيةً
فَـيُسقِطُ ظِلَّها نَثرًا
كَزخرفةٍ
تُشاغِبُ هَدأَةَ العتماتِ
في الشارعْ
…………
لِقلبِ فراشةِ الليلِ
التي حامتْ
تُـفتِّشُ عن سِراجٍ عازبٍ
في الأَرضِ يَعشقُها
ويَقتلُها
لِتَسقُطَ جُثَّةً عَلَمًا
شهيدةَ عِشقِها الـمجنونِ
كالأَوراقِ
يُسقِطُها اشتهاءُ الأَرضِ
لِلقُبَلِ الـخَريفيَّةْ
…….
لبائعةٍ تَـرُشُّ النعنعَ البلديَّ
باللمعانِ والدعواتِ
والصبحِ الذي يأْتي
معَ الأَنداءِ
مُشتاقًا لِرائحةٍ تُلَوِّنُهُ
فلا يبقى كما اللاشيءِ شَفَّافًا
يُرى مِن خَلفهِ ليلٌ
وحلمٌ ماتَ في الصحوةْ
…………
لِخَبَّازٍ يُبالغُ في أَناقتهِ
لأَجلِ الـجارةِ الحلوةْ
ويَـنسى خبزَهُ “الـمَشروحَ”
فوقَ النارِ لو مرَّتْ
فَيحترقُوا
ثَلاثَتُهم
ولا يدري بِـحُرقَتِهم
سوى الشارعْ
………..
لقلبِ صَبيَّةٍ خَجلى
تُدوِّنُ في دفاتِرِها
مَشاعِرَها
لِـهَيْبةِ فارسٍ يأْتي مَساءً
في تَـخَيُّلِها
وكيفَ تَبَسَّمتْ شفتاهُ
حينَ احـمرَّ خَدَّاها
وأَربَكها
وتكتبُ كيفَ عاكَسَها
بِلُطفٍ حين شَبَّهَها
بِصَوتِ الدفءِ
من فَيروزَ
حينَ يَصيرُ أُغنيةً صباحيَّةْ
وتَـحذِفُ كلَّ ما كَتَبتْ
وتُبقي دِفئَها في البيتِ
كي لا تُسمعَ الأَنفاسُ
إِن خَرجتْ
إِلى الشارعْ
……………
لِـمَدرستي التي هَرِمتْ
بـمَوتِ مُعلِّم التاريخِ
وانكَسرتْ
من الـخذلانِ
في التأْريـخِ للحاضرْ
………….
صباحُ الـخيرِ لامرأَةٍ
تقولُ لِزوجها سِرًّا
على بَوَّابةٍ للريحِ
إِنَّ البردَ يذبحُها
قُبيلَ خُروجهِ للبحثِ
عن عملٍ إِضافيٍّ
لِيحميها
ويـحمي العمرَ
من بَوَّابةِ الأَرياحِ
والـحُمَّى
…………….
لأُمٍّ تُطعِمُ الأَطفالَ
والعُصفورَ
خبزًا زادَ من أَمسٍ
وتدعو اللهَ
أَن لا تَسقُطَ الأَعشاشُ
مِن جوعٍ
وأَن لا يَسقُطَ الأَطفالُ
مِن خَوفٍ
وأَن لا تَسقُطَ البلدةْ
………..
صباحُ الخيرِ للأَوجاعِ
تُرسلُني إِلى الشارعْ
لأَحـمي البيتَ والجيرانَ
من لوني الذي يَصفرُّ
إِن أَخفيتُ أَنَّاتي
أُخبِّئُ فيهِ أَسراري
وَيَكتمُها
فلا يدري بـها أَحدٌ
سِواهُ ونادلِ الـمَقهى
…………
صباحُ الخيرِ للأَيام تَعبُرني
بِلا جَدوى
تُطِلُّ بِرأْسِها صُبحًا
تَزيدُ العمرَ ساعاتٍ
وتتركُني
أَجوبُ الوقتَ حتى الليلِ
مُـحتارًا
بِعُمرٍ يَسكُنُ الطرقاتِ
مِثلَ عَلامةٍ سَكَنَتْ
بِآخرِ سَطرِ كاتِبها
لكي يُبدي تَعَجُّبَهُ
مِنَ الدنيا
وما فيها
وَمِنِّي
حينَ يُتعبُني مَسارُ الأَرضِ
حيثُ أَعودُ مَنهوكًا
لِشُرفةِ بيتيَ النائي
وأُرسِلُ لِلمدى عَينيَّ
مُشتاقًا
لِرؤيةِ رأَسيَ الـمَخلوعِ
لكنْ
لا أَرى شيئًا من الدنيا
سِوى
الشارعْ.