هيفيدار خالد
تشهدُ سوريا منذ سقوط رئيس النظام البعثي السابق بشار الأسد فوضى عارمة على جميع الجبهات، خاصَّةً بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على معظم المدن السوريّة وتشكيل حكومة انتقالية؛ بهدفِ إدارة المرحلة القادمة وانتقال سياسي بالبلاد، والذي من الواضح أنَّه سيواجه تحدياتٍ كبيرةً، بالإضافةِ إلى العديد من المطبَّات التي من شأنها أن تفتحَ الطريقَ أمام حرب أهلية طويلة بين جميع الشعوب والأطياف التي تعيش في سوريا، والتي تعرَّضتْ لسياسات الاستبداد والقمع والعنف الممنهج على يد حُكام السلطة المتمثلة بعائلة الأسد، بطبيعة الحال التطورات المتسارعة على كامل الجغرافيا السوريّة من شأنها أن تؤثِّر سلباً على الشرق الأوسط وتخلقَ تداعياتٍ كبيرةٍ، وتمتد رقعتُها أكثر لتشملَ دولاً مجاورة.
سوريا التي تحوَّلت إلى كومةٍ من الركام والأنقاض في عهد الأسد، لم تقدر بعدُ أن تتعافى مما تعرَّضت له من تغيراتٍ جذرية وحقيقية، ولم تستطيع أن تستعيدَ ألْقَها المعهودة به، الصراعُ الذي استمرَّ 14 عاماً حوَّل البلاد إلى ساحةٍ لتصفية حسابات قوى عديدة، فسوريا التي كانت تُدار من قِبَل روسيا وإيران بشكلٍ مباشر، أصبحت اليوم في وضعٍ لا تُحسَد عليه، هيئةُ تحرير الشام التي سيطرت على السلطة في دمشق مازال الكل ينتظر أداءها وطريقتها في إدارة بلد منهار على كافة النواحي، ويطرحون تساؤلاتهم حول، هل تستطيعُ هيئة تحرير الشام العمل بأسلوب يُرضي جميعَ الأطراف السوريّة، بحيث الجميع يشارك في إدارة سوريا الجديدة أم ستنفرد هي لوحدها بالسلطة كما فعل حُكَّام السلطة القديمة من قبلها؛ إذ جاءوا بانقلاب عسكري وسقطوا بانقلاب مثله؟
المشهدُ في سوريا مُعقَّد للغاية وجميع الأطراف ستواجه تحدياتٍ جسيمةً في ظل الظروف الحالية الصعبة التي تمرُّ بها المنطقة، فالعديد من الجماعات السوريّة التي سيطرت على الحُكم مع هيئة تحرير الشام ودخلت العديد من المحافظات السوريّة، لها خلفية إرهابية وسمعة سيئة، خاصةً فيما يتعلق بالعمليات الإرهابية والأفكار المتطرفة التي تحملها وتؤمن بها إذا صح التعبير، كما أنها تستهدف الأقلية الدينية غير السنيّة. لذا؛ من الصعب التكهُّن في الوقت الراهن بأننا سنكون أمام سوريا جديدة بعيدة عن الإرهاب أو أنها ستُلبِّي مطالبَ وحقوق جميع السوريين، الأمرُ الذي يجعل التفاؤلَ بمستقبل مشرق للبلاد صعباً للغاية.
للوصول بسوريا إلى برِّ الأمان لا بُدَّ من إشراك جميع السوريين في الإدارة الجديدة للبلاد، ودون إقصاء أحد وحماية حقوق جميع الشعوب السورية وفق دستور مدني جديد يحفظ كرامة الجميع، مع وضع حدٍّ لمعاناتهم والوقوف في وجه المشاريع التي تحاول ضرب النسيج السوري والتحرك بعيداً عن الأجندات الخارجية الاحتلالية التي تحاول تحقيق مكاسب على حساب الشعب السوري كالدولة التركية التي طالما تاجرت بقضية الشعب السوري مع النظام السوري السابق، واليوم تحاول إظهار نفسها بأنَّها الماردُ المنقذُ لهم، على الجميع أن يعي بأن تركيا دولة محتلة لسوريا، وتريد احتلال المزيد من الأراضي السوريّة وارتكاب مجازرَ بحقهم. نعمْ، اليومَ الكلُّ مسؤول عن طرد تركيا من سوريا وإلحاق هزيمة استراتيجية بها وليعِشْ الجميعُ في أمن واستقرار دائم.