د. هاجار عبد الفتاح
تحتل المشروعات العامة في عالمنا المعاصر مركز هام في اقتصاد أية دولة أو إدارة عصرية، وتنشأ هذه المشروعات ويتأثر دورها باعتبارين رئيسين أحدهما إيديولوجي والآخر نفعي عملي.
ولقد تشابك هذان الاعتباران وتداخلا لدرجة أنه لم يعد من السهل علينا أن نميّز بين إيديولوجيات الدول المختلفة وفقاً لدور المشروعات العامة في اقتصادها، فقد أصبحت بعض الدول التي تتبنى النظام الاقتصادي الحر في أوروبا الغربية وآسيا تعتمد على دور المشروعات العامة في تنمية اقتصادها وتحديثه، بدرجة لا تقل عن اعتماد بعض الدول في تنمية النظام الاقتصادي الموجه.
فنحن نجد أن نظرة الدول الحديثة لدور المشروعات العامة قد أصبحت أكثر استجابة لمقتضيات المصلحة العامة وفقاً لما تُمليه الظروف الموضوعية في تحديد دور هذه المشروعات، ولهذا لم يعد غريباً أن تنتهج الدول النامية سياسات اقتصادية واقعية أكثر التزاماً بالمصلحة الوطنية العامة، ومبتعدة عن التحيز الإيديولوجي وعلى ضوء هذه السياسات أصبحت المشروعات العامة تمارس دوراً قيادياً في عملية التنمية الاقتصادية في كثير من دول العالم، فالمشروع العام هو الأداة الحاسمة التي يتسنى عن طريقها للدول النامية تعبئة وتوجيه عناصر الإنتاج اللازمة والكافية لمقتضيات الإنتاج الحديث نظراً لما يتطلبه مثل هذا الإنتاج من حجم اقتصادي كبير وتقدّم تقني ومهارة تجارية قادرة على التفاعل الإيجابي مع السوق العالمية.
من هذا المنطلق؛ فإن المشروع العام في الدول النامية أصبح هو السائد، ليس في النشاطات غير التجارية فحسب، وإنما في النشاطات التجارية أيضاً، فهو الذي يقوم بمهمة التحديث ويُيسر فتح المجالات الاقتصادية والتقنية الجديدة ولعل الهيكل الراهن للملكية الصناعية في دول أوروبا الغربية يُبرهن لنا على تزايد أهمية الدور الذي يلعبه المشروع العام التجاري في دعم اقتصاد هذه الدول.