هيفيدار خالد
مُنذُ أكثرَ من خمسةَ عشرَ يوماً تشهد سوريا تطوراتٍ كبيرة مُتسارعةً على الصُعُد كافة، التطورُ السريع هذا بدأ بشنِّ هيئة تحرير الشام هجوماً مباغتاً ضد قوات النظام السوري، تمكَّنت خلاله من السيطرة على العديد من المدن السوريّة في عمليةٍ أُطلِقَ عليها اسم “ردع العدوان”.
بالتزامن مع العملية التي أطلقتْها هيئةُ تحرير الشام بهدفِ إسقاط النظام السوري ورئيسِه بشار الأسد، أطلق مرتزقةُ الاحتلال عمليةً أسموها زوراً ” فجر الحرية” ضد مناطق تل رفعت والشهباء بريف حلب الشمالي، والتي كانتْ تأوي آلافَ المُهجَّرين، ومنطقةِ منبج بهدف استهدافِ مُهجَّري عفرين الذين كانوا يعيشون في المخيمات، وضرب الكُرد الذين شكَّلوا مع الشعوب السوريّة الأخرى من العرب والسريان والأرمن إدارةً ذاتيةً ديمقراطيةً تسعى إلى سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية تحمي حقوقَ جميعِ السوريين.
قادتِ دولةُ الاحتلال التركي الهجماتِ الهمجيةَ والوحشيةَ بشكلٍ مباشر في جبهةِ منبج، وقدَّمتِ الدعمَ الجويَّ والبريَّ للمرتزقة من خلال الطائراتِ الحربية والمُسيّرات، وارتكبتْ هناك انتهاكاتٍ فظيعةً يندى لها جبينُ الإنسانية، بحقِّ ذلك الشعب الكردي الذي لم يُقدِّم للشعب السوري سوى الحماية والأمان والاستقرار منذ بداية الأزمة السوريّة وحتى وقتنا هذا، مُلحقةً بهم أضراراً جسيمة.
في الوقتِ الذي تشهدُ فيه سوريا سقوطَ رئيس النظام السوري بشار الأسد وإنهاءَ حقبة الاستبداد التي كان يقودها هو وعائلته، والجميع يحتفل بسقوطه، يتعرَّض الشعبُ الكردي على يد الدولةِ التركية لانتهاكاتٍ جسمية في مجال حقوق الإنسان، فمهجَّرو عفرين والشهباء وتل رفعت تعرضوا مُنذُ أكثرَ من أسبوع لعمليات قتلٍ وذبحٍ واستفزازٍ وسرقةٍ وتهديد تحت وطأة السلاح ونُفِّذت في حقِّهم إعداماتٌ وتصفيات ميدانية، من قطع للرؤوس واعتداء على النساء والمسنِّين، كما أنَّ هجماتٍ مرتزقة الاحتلال التركي الكثيفة منعتهم من الوصول إلى المناطق الآمنة، الأمرُ الذي أدَّى لفقدان العشرات منهم حياتَه في ظروفٍ صعبةٍ وغامضة.
العشراتُ من الأطفال ماتوا جوعاً في طريقهم إلى برِّ الأمان، والعشرات من النساء قُطِّعت رؤوسهُنَّ أمام عوائلهُنَّ؛ لأنَّهُنَّ رفضنَ الرضوخَ والاستسلام، قوافلُ المهجَّرين قسراً من ديارهم واجهتْ صعوباتٍ ومعوِّقاتٍ كبيرةٍ في طريقها إلى برِّ الأمان.
وفي منطقة كوباني ومنبج وعين عيسى وزركان ارتَكبت دولةُ الاحتلال التركي أبشعَ المجازر بحقِّ الشعب السوري وعلى رأسهم الشعبُ الكرديُّ، ولم يَنبُس أحدٌ منهم ببنتِ شَفَة تخصُّ هذا الظلمَ الكبير، خاصَّةً من طرف منظماتِ حقوق الإنسان والهيئاتِ التابعة للأمم المتحدة التي تدَّعي الدفاعَ عن حقوق الإنسان وعن الأبرياء، والمجتمعُ الدولي ما زال يتلملم على صمته المخزي.
نعمْ، الدولةُ التركيّة المحتلةُ للأراضي السوريّة تُبيدُ الشعبَ الكرديَّ والعالمُ كلُّه صامت ويتفرَّج عليهم؛ بل يغضُّون الطرفَ عن كلِّ ما يجري بحقِّهم من ارتكاب جرائم وانتهاكات، نعمْ، على الشعب الكردي الانتفاضُ في وجهِ هذه الجرائم اللاإنسانية والالتفاف حول قواتِه العسكرية وتقديمِ الدعم اللازم لها في هذه المرحلةِ العصيبة، ليكونَ للشعب الكردي دوراً واضح في سوريا الجديدة، سوريا بنظام التعددية واللامركزية؛ لكافَّةُ أطيافِ الشعب السوري، ووضع حدٍّ لإبادةِ الكُرد على يد الأتراك العثمانيين.