في قلب ناحية “كلار” التابعة بلدة كرميان، يستمر “أحمد حاجي ميرزا”، البالغ من العمر 34 عامًا، في ممارسة مهنة الطحن، التي توارثها عن والده منذ أكثر من عقد من الزمن.
أحمد ليس مجرد طحان، بل هو حافظ لتراث غذائي محلي، يحول محاصيل القمح والأرز إلى منتجات صحية وطبيعية تحظى بإقبال متزايد من سكان المنطقة.
تراث عائلي يمتد سبعة عقود
بدأت قصة “أحمد حاجي ميرزا” مع هذه المهنة منذ طفولته، حيث نشأ في منزل والده، الحاج ميرزا، الذي عمل طحانًا لمدة 70 عامًا: “تعلمت كل شيء من والدي، فقد كان يتجول في قرى كرميان ليجمع المحاصيل المحلية من القمح والشعير والأرز، كانت تلك الأيام صعبة، لكنها كانت مليئة بالشغف”.
وبعد وفاة والده، قرر “ميرزا”، مواصلة مسيره، واضعًا نصب عينيه الحفاظ على هذه المهنة التقليدية، فهو واحد من أبرز الطحانين في المنطقة، يتلقى محاصيل القرى ويحولها إلى دقيق وأرز بطرق تقليدية وحديثة.
طلب متزايد على المنتجات المحلية
ومع ازدياد الوعي الصحي، يتجه سكان كرميان بشكل متزايد إلى الأطعمة المحلية، حيث قال ميرز: “أصبح الناس أكثر اهتمامًا بالمنتجات الطبيعية، فالأرز والقمح المحليان أكثر صحة ونكهة من المنتجات المستوردة”.
وأشار، إلى أن نوعية الأرز الكردي، مثل “نغازه وعنبر”، هي الأكثر شعبية بسبب جودته ونكهته المميزة.
وأوضح: “فالأرز من نوع نغازه يتميز بنسبة عالية من الإنتاج، حيث ينتج 70 كيلوجرامًا من الأرز الصافي من كل 100 كيلوجرام من الأرز الخام، أما الأرز من نوع عنبر، رغم أنه أقل كمية، إلا أنه غني بالنكهة ويعتبر مفضلًا لدى كثيرين”.
تطورات في المهنة
وعن التحولات التي طرأت على مهنة الطحن، تحدث ميرزا: “في الماضي، كنا نعتمد على الآلات التقليدية، وكان العمل يتطلب جهدًا ووقتًا كبيرين، أما اليوم، بفضل استخدام الكهرباء والآلات الحديثة، أصبح العمل أسرع وأكثر كفاءة”.
وأشار إلى، أن التطور التكنولوجي لم يؤثر فقط على سرعة العمل، بل ساهم أيضًا في تحسين جودة المنتجات: “لدينا الآن أجهزة تفصل الأرز إلى ثلاث مراحل: الأرز الصافي، الأرز المكسور، والنخالة”.
التحديات والمستقبل
ورغم التقدم التكنولوجي، يواجه “ميرزا” تحديات تتعلق بتوفير المحاصيل المحلية، خاصة القمح من نوع “قناري”، وهو الأفضل لصنع الدقيق، فقد أكد، بأن الحفاظ على هذه المهنة يتطلب دعمًا مستمرًا من المجتمع وتشجيعًا للمزارعين المحليين.
وفي ختام حديثه، وجه “أحمد حاجي ميرزا”، رسالة للمجتمع المحلي: “علينا جميعًا دعم المنتجات المحلية لأنها أكثر صحة وجودة، فمهنة الطحن ليست مجرد عمل، بل هي جزء من تراثنا وهويتنا، وسأستمر في تقديم أفضل ما لدي للحفاظ على هذا التراث”.