كوباني/ سلافا أحمد ـ يقف المهجر “محمد منان”، البالغ من العمر 70 عاماً، ضمن طوابير تقديم المساعدات في ساحة الشهيد عكيد، وآثار الحزن والتعب تظهر على ملامحه، منتظراً دوره لتسجيل اسمه لدى لجنة شؤون النازحين في مقاطعة الفرات، لتأمين ملجأ له ولعائلته المهجرة قسراً من الشهباء.
رحلة تهجيره الثانية، أثقلت كاهله من التعب والحزن والمشقة، فقد ترك خلفه منزله في قريته “فنطرة” بمدينة عفرين، وبعدها خيمته في مخيم سردم بمنطقة الشهباء، ليهجر قسراً نحو مناطق آمنة، وبعيدة من بطش المرتزقة.
حكاية تهجيره القسري
كان يعيش المواطن “محمد منان” مع عائلته في منزلهم بقرية فنطرة التابعة لناحية ماباتا بمدينة عفرين المحتلة، قبيل هجرته القسرية عام 2018، ليلجأ إلى مناطق الشهباء بحثاً عن السلام وملاذ آمن، لكن هجمات المرتزقة التابعة للاحتلال التركي لم تسمح له للعيش بسلام وأمان. فقد أجبر على التهجير مرة أخرى بسبب هجمات مرتزقة الاحتلال التركي على الشهباء وباقي مناطق مقاطعة عفرين والشهباء، برفقة عشرات الآلاف من المهجرين، لتبدأ معاناتهم مع النزوح والتهجير من جديد، بعد مقاومتهم في مخيمات النزوح في الشهباء آملين بعودتهم إلى ديارهم في عفرين.
وفي الصدد، روى المهجر من عفرين “محمد منان”، لصحيفتنا “روناهي”، قصة معاناته خلال تهجيره قسراً والدموع تنهمر عيناه، واصفاً تلك اللحظات بـ “مأساة العمر”.
حيث قال: “استمرت رحلة تهجيرنا يومين متتالين، دون طعام أو شراب، فكان الوضع مأساوياً جداً، الأطفال كادوا يموتون جوعاً وبرداً على الطرقات، حيث لم تتمكن العائلات حتى اصطحاب جثث موتاها معها، فقد تركوها خلفهم على الطرقات”.
وأضاف: “لم تكتفِ المرتزقة بتهجيرنا من منازلنا، بل تسللوا إلى قوافل التهجير، وخطفوا الأهالي وقتلوهم دون رحمة، فقد كانوا يدعوننا بالخنازير”.
وأشار، إلى أن الطرقات التي عبروا منها كانت مليئة بجثث المدنيين، لافتاً، عند خروجهم من الشهباء، بقت مئات العوائل عالقة هناك، حيث وصلته أخبار بقطع رأس “رجل وامرأة” من أقربائه على يد المرتزقة التابعة لجيش الاحتلال التركي، في قرية ديكي، دون معرفة الأسباب.
وعبر منان عن شكره وامتنانه لأهالي كوباني، لتضامنهم ووقوفهم مع المهجرين في محنتهم العصيبة هذه: “لقد قدم أهل كوباني العون والسند لنا في ظل الظروف الصعبة التي مررنا بها، فقد فتحوا لنا قلوبهم قبل منازلهم”.
واختتم المهجر “محمد منان” حديثه: “سيحين الوقت وسنعود إلى موطننا عفرين، فكلنا أمل بعودتنا إلى ديارنا”. يذكر، أن المهجر “محمد منان”، والد لشهيدين “شيار ومصطفى منان”، اللذين استشهدا إبان مقاومة العصر في عفرين عام 2018.