سوزان علي
لم تقف مقاومة مهجري عفرين في الشهباء عند هذه اللحظة بتهجيرهم قسراً مرة أخرى، فالمقاومة التي استمرت ستة أعوام أمام البرد والجوع والحصار والهجمات تدخل مرحلة أخرى من الصمود أمام مخططات الأنظمة الاستبدادية، التي تستمر في مخططاتها على الشعوب الكردستانية وعلى وجه الخصوص شعوب شمال وشرق سوريا وسوريا عامة، حيث الاتفاقيات المشتركة وتطابق مصالحها في الهجوم على حلب في السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني المنصرم عن طريق مرتزقة “هيئة تحرير الشام”، التي استولت على حلب بمساندة دولة الاحتلال التركي، التي لا تزال تسعى لتحقيق أطماعها العثمانية وتطبيق الميثاق الملّي في الاستيلاء على حلب أولاً ومن ثم سائر مناطق شمال وشرق سوريا وحتى الموصل، في سياسة واضحة لتقسيم الأراضي السورية وضمها إلى الأراضي التركية، واستهداف منجزات ثورة التاسع عشر من تموز وفي مقدمتها ضرب مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، إلا أن تلك المخططات لم تحبط من عزيمة شعوب شمال وشرق سوريا التي تزداد قوة مع كل مخطط، الشعوب التي طالما اعتنقت فلسفة الحياة الحرة “فلسفة الأمة الديمقراطية” التي قوامها بناء مجتمع سياسي، أخلاقي، ديمقراطي حر، وبريادة المرأة الحرة، الشعوب التي آمنت بحرب الشعب الثورية في التأهب والدفاع عن الحمى؛ وقدرتها على التصدي والحماية من الهجمات؛ متخذين من الحماية الجوهرية الدرع الواقي أمام الهجمات المتكررة سواء من المحتل التركي ومرتزقته أو داعش أو هيئة تحرير الشام، أو من أي عدو محتل يستهدف أمن المنطقة.
هجمات المحتل التركي ومخططاته لم تتوقف هنا أيضاً؛ وما الحرب الخاصة التي تبث سمومها بين شعوب المنطقة سوى جزء من هذه الهجمات وبأسلوب ناعم، وتستهدف إرادة الشعوب وقلوبها وفكرها في مسعى منها إلى إحباط العزائم القوية تلك وجعلها واهنة؛ خائرة القوى وبالتالي زرع التفكك داخل الأسر أولاً والمجتمع ثانياً.
وأمام هذه المخططات تستمر المقاومة أيضاً؛ فالشعوب التي تماثل الأشجار في صمودها وتشبثها بالأرض وصلابتها أمام العواصف لن تهزمها المخططات، بل تزداد صلابة وتفتح أغصانها للشمس، فتبرعم مرة أخرى بعد تساقط أوراقها في الخريف، والصامدات اللواتي حمين أنفسهن وكذلك حمين نساء شمال وشرق سوريا والنساء الإيزيديات من تطرف داعش وحررهن من ظلم وظلام داعش؛ يصمدن اليوم وبالقوة ذاتها أمام سياسات الإبادة والصهر.