روناهي/ تل حميس ـ تشهد المناطق التابعة لمدينة تل حميس، تفشيًا ملحوظًا لمرض الحصبة في الآونة الأخيرة، حيث يشكل تهديدًا للصحة العامة، وخاصةً الأطفال في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها تلك المناطق.
تعد الحصبة، أحد الأمراض الفيروسية المزمنة التي تصيب الأطفال بين أعمار من ستة إلى خمسة عشر عاماً، وخاصةً مع حلول فصل الخريف، والتي يمكن الوقاية منها عن طريق اللقاح، ولكنها لا تزال تشكل تهديداً على حياة الكثيرين ولاسيما الأطفال في بعض المناطق النائية بمدينة تل حميس، حيث يواجه الأهالي العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية، فقد كان لهذا المرض تأثير مدمر على العائلات التي لا تعطي أهمية لحملات التطعيم المكثفة والمنظمة بشكل دوري.
مخاطر الحصبة
ففي الأشهر الأخيرة سجلت حالات عدة مصابة بالحصبة في مناطق متفرقة من مدينة تل حميس، حيث تم الإبلاغ عن وفاة الطفلة “هدى بشار العبد الله” والبالغة من العمر سنة وستة أشهر، بسبب إصابتها بهذا المرض، فهذه الحادثة الأليمة دليل على أن الوضع الصحي في تلك المناطق بحاجة إلى المزيد من الاهتمام، كتوفير اللقاحات الأساسية للأطفال بشكل مكثف، ونشر الوعي بين الأهالي.
كما وأغلق باب مدرسة “وائل”، وهي إحدى مدارس قرية الحبيس التابعة لمدينة تل حميس لإشعار آخر، خشية تفشي المرض بين الطلبة، فوجدت أربع حالات بهذا المرض بين الطلبة، فنسقت لجنة الصحة في مجلس مدينة تل حميس مع المجمع التربوي بجولات دورية على المدارس للاطمئنان على حالات الطلبة.
أعراض الحصبة ومضاعفاتها وعوامل انتشارها
وبهذا الصدد، زارت صحيفتنا “روناهي” مستوصف تل حميس، والتقت مساعد الطبيب هناك “صادق الشاهين“، حيث حدثنا عن أعراض الحصبة: “من أبرز أعراض مرض الحصبة (الطفح الجلدي، والحمى، والسعال، والتهاب العين)”.
وتابع: “لمرض الحصبة مضاعفات خطيرة كالالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ، والذي يؤدي إلى الوفاة في حالات نادرة، وخاصةً بين الأطفال ذوي المناعة الضعيفة”.
وعن عوامل انتشار مرض الحصبة، قال الشاهين: “يعود أهم أسباب تفشي الحصبة في مدينة تل حميس إلى عوامل عديدة، وأبرزها ضعف برامج التحصين، فعلى الرغم من الجهود المبذولة لتطعيم السكان، إلا أن الظروف الأمنية واللوجستية الصعبة حالت دون وصول اللقاحات إلى العديد من المناطق النائية في الريف الجنوبي لمدينة تل حميس”.
وأضاف: “كما أن التنقل المستمر للسكان، والذي يعود للهجرة الدائمة في البحث عن فرص العمل يحول دون تطبيق حملات التطعيم بشكل منظم، وبعد القرى النائية عن مراكز الصحة يزيد صعوبة التشخيص والعلاج المبكر للمرض، وعدم تقيد الأهالي بحملات التطعيم الدورية، وخصوصاً في مناطق الريف الجنوبي لمدينة تل حميس، الذي يزداد فيها انتشار هذا المرض”.
حملات التطعيم
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، هناك جهود مستمرة من هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية للحد من انتشار مرض الحصبة في المنطقة، حيث قامت فرق التطعيم بتنظيم حملات تطعيم موسعة استهدفت الأطفال في مختلف المناطق، بما في ذلك مدينة تل حميس، لتوفير اللقاح ضد الحصبة وبقية الأمراض المعدية.
كما وتقوم الفرق الطبية بتقديم الدعم العلاجي للمصابين بالحصبة، فضلاً عن توعية الأهالي بضرورة متابعة تطعيم أطفالهم بشكل دوري، وتستمر هذه الجهود على الرغم من صعوبة الوصول إلى المناطق النائية التابعة لمدينة تل حميس.
الصعوبات المستقبلية
وتبقى العديد من التحديات قائمة أمام القضاء على الحصبة في تل حميس والمناطق المجاورة، فالتهديدات البيئية مثل نقص المياه الصالحة للشرب، وتدهور الظروف المعيشية تؤدي إلى تقليل قدرة المجتمع على مقاومة انتشار الأمراض.
وفي ختام حديثه قال مساعد الطبيب “صادق الشاهين”: “نجد أن تفشي الحصبة في مناطق تل حميس يعد تحديًا كبيرًا للصحة العامة في ظل الأزمات المستمرة”، مضيفاً: “فعلى الرغم من الجهود المبذولة من هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية، إلا أن الوضع يتطلب المزيد من الدعم والتنسيق بين الجهات المحلية والدولية للحد من انتشار هذا المرض وحماية الأطفال والعائلات منه”.
يذكر، أنه يعود السبب الأساسي لانتشار مرض الحصبة بين الأطفال في المناطق النائية، إلى عدم تقيد الأهالي باللقاحات الدورية التي تقدمها المراكز الصحية كل عام، فيما يفاقم من تأثير المرض على السكان، وخاصة الأطفال منهم.