تسعى آلاء سعدة من خلال رسوماتها إلى محو تفاصيل الموت في غزة واستبدالها بأخرى تنبض بالحياة، في ظل ما يشهده القطاع من انتهاكات وجرائم إبادة.
في مخيم النزوح بمنطقة اليرموك غربي مدينة غزة، استخدمت الفنانة آلاء سعدة، خيام النازحين لوحة للرسم عليها، متغلبة عبر تلك الحيلة على نقص الأدوات التي تركتها في منزلها بمنطقة شمال بيت لاهيا عندما نزحت تحت النار مع أمها وحدها، ومسلطة الضوء على واقع وقضايا النساء والأطفال خلال النزوح وتحت الخيام.
رسومات تجسد الواقع المرير
وتجسد رسومات “آلاء سعدة”، التي ترسمها على الخيم الجوع والبرد والنزوح ومخاطر الطريق والاعتقالات التي تحدث أثناء رحلة سيرهن، كما أنها جسدت من خلال رسمة لها هدف وكالة أنباء المرأة في إيصال صوت المرأة إلى كافة أنحاء العالم، فقامت برسم امرأة ذات شعر طويل وحبلى ورسمت على بطنها لوغو الخاص بالوكالة (NUJINHA) محاولة إيصال رسالة فحواها، أن الوكالة كأم تقدم الدعم وتنقل معاناة وأصوات كافة النساء في دول الشرق الأوسط.
وأشارت آلاء، إلى أن فكرة الرسم خطرت لها حينما مكثت في الخيمة لأيام عدة دون فعل أي شيء مستذكرة مرسمها الذي تركته في المنزل هناك حيث اللوحات والألوان والفراشي المتعددة، لتلمع في ذهنها آلية التحايل على جميع تلك الصعوبات لإنتاج لوحات جديد تحاكي واقع النزوح المرير.
وفقدت آلاء، لوحاتها وألوانها وريشتها ما يعني الكثير لها بحسب ما أفادت، وأصبح جل ما تملكه هو قلم رصاص وفحمة، فحاولت من خلالهما البدء بأولى لوحاتها وعلى الرغم من أن النتيجة لم تكن مرضية في البداية، إلا أنها مرة بعد أخرى حاولت تطوير ما تقوم به عبر أدوات بسيطة وهي قوالب ألوان مائية اشترتها من أحد المكتبات القريبة مع ريشة.
وأوضحت أن فقدان أدواتها أثر على جودة الرسم لديها فلا مجال للمقارنة بين اللوحات التي فقدتها بالمنزل وما تقوم بتجسيده على الخيام، متمنية توفير تلك الأدوات عن قريب، لتعود إلى عالمها الحقيقي الوحيد القادر على إخراجها من بؤس الحرب والمخيم والغارات إلى فضاء رحب تجد به راحتها.
ورسمت آلاء سعدة، عن الجوع والبرد والنزوح، ومخاطر الطريق واعتقال أخيها وأبيها في بداية الطريق ليكملا هي ووالداتها وأخواتها الصغار مع أطنان الأحمال وحدهن، حتى شعرن أنهن كالمغشي عليهن من الموت، إثر المشي لمسافات واسعة من الكيلومترات قطعنهن وحدهن والخوف يحيط بهن من كل اتجاه والطلقات النارية والغارات كذلك.
مشاهد مؤثرة خلال رحلة النزوح
وبينت أنها خلال طريق النزوح شاهدت عدة مشاهد أثرت بها كتلك المرأة التي نزحت طوال الطريق وهي تحمل على ظهرها كيساً من الدقيق، لافتة أن المجاعة وشح الطعام أجبروا تلك الستينية على حمل الكيس الثقيل طوال الطريق، مرجحة أن تكون القوات الإسرائيلية قد اعتقلت أبنائها الشباب لهذا حملت حملها الثقيل وحدها.
وتستغرق اللوحة بحسب آلاء سعدة، من ساعتين لثلاثة ساعات متواصلة تحت أشعة الشمس الحارقة، ووسط ضوضاء المخيم والحكايات التي يتشاركها النازحون في محاولة لزج الوقت جانباً وإنهاء الساعات الثقيلة التي باتت تشكل كابوساً لهم بعد أن أجبروا على ترك بيوتهم وأصبحوا في نهاية المطاف بخيمة لا تقي حر النهار ولا برد الليل.
واصطدمت آلاء، بعدة مشكلات خلال عملية الرسم، أولها أن ليس جميع العائلات النازحة في المخيم تقبل الرسم على خيمها، لذلك هي اليوم انتهت من الاستفادة من كافة المساحات المتاحة للرسم وبحاجة للبحث عن بديل، عدا عن عدم توافر الأدوات المناسبة وغلاء ثمنها بشكل يفوق قدرتها على شراء أي منها.
آمالها المستقبلية
وتنوي آلاء سعدة، في الأيام المقبلة بالرسم على جدران مباني المدينة وربما على الركام لتمحو تفاصيل الموت في المدينة وتستبدلها بأخرى تنبض بالحياة، مشيرة أن أملها هو أن ينتهي مسلسل الموت في قطاع غزة عما قريب وتعود إلى حياتها، مكملة إيصال مختلف الرسائل للعالم عبر ما ستوثقه وتنشره من لوحات عبر صفحتها على مواقع التواصل الافتراضي.
وتمنت آلاء سعدة في ختام حديثها، أن تجد تلك اللوحات تفاعلاً من قبل مستخدمي تلك المواقع، ومشاركتها لتعزيز الرواية الفلسطينية التي تؤكد على أحقية الشعب الفلسطيني بأرضه، موجهة شكرها لوكالة أنباء المرأة لجهودها المتواصلة في تسليط الضوء على الفنانات والمواهب الشابة في قطاع غزة وسط الموت والحرب والدمار والحالة الغير مستقرة التي يعيشها الشرق الأوسط بالوقت الحالي.