قامشلو/ ملاك علي – انعكاساً للتحديات الصحية التي تواجهها مقاطعة الجزيرة في إقليم شمال وشرق سوريا، افتُتح مشفى الأورام والحروق والثلاسيميا في مدينة قامشلو خلال عام 2023، ليكون أملاً للمرضى الذين يعانون من السرطان وأمراض أخرى خطيرة.
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه العديد من الأسر، يمثل تقديم الخدمات الطبية المجانية للمرضى خطوة إنسانية هامة للتخفيف من معاناتهم، ومشفى السرطان، من خلال توفير الرعاية والعلاج المجاني، يلعب دوراً محورياً في دعم المرضى وعائلاتهم، خاصةً، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى خدمات طبية متخصصة ومكلفة، فهذه المبادرة تسهم في تعزيز روح التضامن المجتمعي، وتؤكد أهمية تقديم الأولوية لصحة الإنسان بغض النظر عن الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية.
تخفيف العبء عن المرضى
وخلال زيارتنا مشفى الأورام والحروق والثلاسيميا بمدينة قامشلو، التقت صحيفتنا “روناهي”، أحد مرضى السرطان “عيسى موسى“، 53عاماً، والذي وجد الأمل في هذه المشفى، حيث بدأ يتلقى علاجه هناك منذ عام، حيث قال: “في البداية، كنت أتحمل أعباء السفر والإقامة في الفنادق للحصول على الجرعات الكيماوية، لكن افتتاح مشفى الأورام والحروق والثلاسيميا بمدينة قامشلو، ساعدني وخفف عني الكثير من التكاليف التي كانت تثقل كاهلي”.
وأشار موسى إلى أنه على الرغم من أن بعض الجرعات لم تكن متوفرة في بداية علاجه، إلا أن الوضع تحسّن لاحقاً، وأصبحت الجرعات الضرورية لعلاجه متاحة، مضيفاً: “فالآن، أتلقى علاجي هنا كل أسبوعين، دون الحاجة للسفر، أو القلق بشأن التكاليف”.
نمط الحياة غير الصحي يرفع نسبة الإصابة بمرض السرطان
وفي الصدد، سلطت الإدارية في مشفى الأورام والحروق والثلاسيميا “هدية عبد الله“، الضوء على انتشار مرض السرطان في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، مشيرةً، إلى أن المرض بدأ بالظهور قبل ثورة روج آفا واستمر في الزيادة.
وأوضحت، بأن مقاطعة الجزيرة قد سجلت أعلى نسبة إصابات بالسرطان مقارنة بباقي المناطق السورية، وفقاً للإحصائيات السابقة من مراكز دمشق، وهو ما يرجعه الخبراء إلى مجموعة من الأسباب أبرزها التلوث البيئي. وأشارت، إلى أن مقاطعة الجزيرة تعاني من مستويات عالية من التلوث، بسبب استخراج النفط بطرق غير آمنة، حيث تفرز الحراقات والمشتقات النفطية كميات كبيرة من الملوثات، كما تساهم مولدات الكهرباء والسيارات المتزايدة أعدادها في تفاقم التلوث، بالإضافة إلى تراجع جودة المحروقات المستخدمة، وتُعد هذه العوامل البيئية السبب الأبرز لارتفاع نسب السرطان بين سكان المنطقة.
أساليب غير صحية وسرطانات متنوعة
وعن الأساليب والأنماط المضرة وغير الصحية، أوضحت “هدية: “للحياة اليومية وأنماطها دور وتأثير على الصحة العامة، فالتدخين وانتشار الوجبات السريعة والأطعمة المعلبة التي تحتوي على مواد حافظة، تتسبب في رفع نسبة الإصابة بالسرطان”، مضيفةً، بأن هذه العوامل تؤثر على الهرمونات، وتزيد من معدلات السمنة، وتؤدي إلى مشكلات صحية قد تنتهي إلى الإصابة بالسرطان.
وتختلف أنواع السرطانات المنتشرة باختلاف الجنس والعمر، فسرطان الثدي والرحم هما الأكثر شيوعاً بين النساء، في حين تنتشر أورام الدماغ وسرطانات المعدة، القولون، البروستاتا، والأمعاء الدقيقة بين الرجال، وتؤكد أن الأعراض تختلف من مريض إلى آخر، مما يصعّب التشخيص المبكر، حيث قد يكتشف المرض في مراحل متأخرة، وفقاً لهدية.
عام من الدعم المجاني وخطوات نحو التوعية والكشف المبكر
ومنذ افتتاح مشفى الأورام والحروق والثلاسيميا في الجزيرة قبيل عام تقريباً، استقبل قرابة الـ 330 مريضاً، حيث يوفر المشفى 70% من الجرعات الكيماوية اللازمة مجاناً، ما يخفف عن المرضى تكاليف السفر والمعاينات، إلا أن العلاج الإشعاعي غير متوفر بسبب صعوبة إدخال المعدات الثقيلة إلى المنطقة، كما أن بعض أنواع الأدوية الباهظة لا تزال خارج الإمكانات الحالية للمشفى.
وأكدت هدية، أن الهلال الأحمر الكردي هو الجهة الوحيدة التي قدمت الدعم للمشفى منذ افتتاحه، وهو يعمل حالياً على مشروع إحصائي علمي يمتد لثلاث سنوات بهدف رصد تطورات المرض ومعرفة الأنواع الأكثر انتشاراً وأسبابها الجغرافية.
وطالبت الإدارية في مشفى الأورام والحروق والثلاسيميا “هدية عبد الله” في ختام حديثها، السكان للابتعاد عن العوامل المسببة للسرطان، مثل التدخين والطعام غير الصحي، للحفاظ على صحتهم، مشددةً أهمية التوعية بضرورة الكشف المبكر، الذي قد يساعد في اكتشاف المرض وعلاجه قبل أن ينتشر في الجسم.