هيفيدار خالدتُصعّد إسرائيلُ مؤخراً هجماتِها الجوية على الأراضي السوريّة، مُخلِّفةً وراءَها كثيراً من القتلى والجرحى بين صفوف المجموعات والميلشيات التابعة لإيران، بالإضافة إلى إلحاقِ أضرار مادية بالأهداف والمواقع العسكرية، الهجماتُ الإسرائيليةُ هذه تأتي وفق تصريحاتٍ رسميَّةٍ على لسان مسؤوليها؛ بهدف تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة وقطع الإمدادات الرئيسية التي تضمُّ الأسلحة والموادَّ اللوجستية عن الميلشيات الإيرانية، وإيقاف الدعم القادم إليها من طهران إلى دمشق، بطرقٍ متعددة ومتنوعة، وبالتالي بتر يد العلاقات بين طهران ودمشق التي تريدُ الأخيرةُ التعلُّق بإيران وعدم التخلي عنها بمَحْضِ إرادتها.
إسرائيلُ تحاول بكل ما أُوتيت من قوَّة عسكرية وسياسية وبضغوط دبلوماسية أن تقضيَ على الوجود الإيراني في سوريا، وتقطع أنفاسه بشكلٍ كامل إن صحَّ التعبير؛ لذا هرعت كُلٌّ من طهران ودمشق إلى الحفاظ على هذه العلاقة، بدون أن تخسر إحداهما أيَّ شيءٍ على حساب الأخرى. لذا؛ شهدت الأسابيع الأخيرة حركاتٍ دبلوماسيةً نشطةً في المنطقة، وزياراتٍ مكثَّفةً، بدأت بزيارة وفودٍ إيرانية إلى دمشق، وزيارة وفدٍ سوري إلى طهران لتبادُلِ وجهات النظر بخصوص التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة السوريّة، ممثلةً باستهداف المصالح الإيرانية وأهدافها الاستراتيجية، وضرورة مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين في الوقت الحالي.
إسرائيلُ تلمِّح من خلال تصريحاتها وتحركاتها الأخيرة بأنَّها ستصعّد هجماتِها على الأراضي السوريّة وأنها ستوسِّع رقعةَ تلك الهجمات من الآن فصاعداً، فجميع المعطيات والمؤشرات الموجودة على الأرض تشير إلى ذلك؛ فكانَ لزاماً على بشار الأسد أن يوضِّحَ موقفَه حيالَ الوجود الإيراني في سوريا، فسياسيةُ النأي بالنفس وغضِّ الطرف عن كل التطورات السياسية والميدانية التي تجري على الأراضي السوريّة لم تعد تُجدي نفعاً أمام سياسات إسرائيل الجديدة في المنطقة، والتي بدأت تتضح ملامحها أكثر فأكثر بعد هجوم السابع من تشرين الأول الذي شنته حركة حماس ضد إسرائيل العام الماضي، واتَّهمتْ أطراف إقليمية ودولية عديدة بأنَّ لإيرانَ دوراً كبيراً في هذا الهجوم وتنفيذ المخطط المُنظم ضد الأهداف الإسرائيلية.
لدى إسرائيلَ اليومَ فرصة أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى لقطع طُرق الإمداد بين طهران وحزب الله في لبنان والقضاء على البنية التحتية له وتدمير كافة منظومات الأسلحة لديه هناك، وتأمين حدودها ضد الهجمات المتكررة التي يشنها عناصرُ حزب الله، ونراها ماضية اليوم في هذا الاتجاه وتعمل كلَّ ما بوسعها من أجل ذلك والذي يُظهر أنها لن تتراجع عن مخططاتها المرسومة بهذا الخصوص.