روناهي / الطبقة – أكدت المقاتلات ضمن وحدات حماية المرأة من الشعب العربي؛ بأنه على المرأة العربية بعد التحرير أن تكسر أغلال العبودية وترسم لوحتها بنفسها، لأنه بدأ زمن حرية المرأة في روج آفا والشمال السوري.
المرأة العربية في المناطق المحررة مؤخراً تخطو خطواتها بثقة تامة نحو كسر القيود التي كبلتها، بالاعتماد على نفسها بعد أن عانت من الظلم وتسلط الذهنية الذكورية التي تسود في واقعها الاجتماعي، حيث منعت المرأة من ممارسة حقوقها والقيام بدورها الفعال في المجتمع.
نتيجة التاريخ المتسلسل والذي عمد إلى إقصاء المرأة ودورها الاجتماعي بشتى الوسائل والأساليب عن طريق العادات والتقاليد، والتأكيد على أن المرأة لا تستطيع القيام بتلك الأمور وجعلها وسيلة للإنجاب وللقيام بأعمال البيت متأثرةً بواقع من العادات والتقاليد، فقد كان مجرد عدم خروجها من البيت سجناً يقيد قدراتها في العمل أو الدراسة، وقد عانت المرأة في المنطقة الكثير من التسلط والظلم وزاد في ذلك جهل الفصائل والقوى المرتزقة التي سيطرت على المنطقة، وكانت المرأة هي أكثر فئات المجتمع استهدافاً من قِبل هؤلاء المرتزقة، حيث حُرِمت من الخروج من البيت للعمل والدراسة بحجة أن المرأة لا تستطيع أن تنجز شيء سوى العمل في المنزل وإنجاب الأطفال وتربيتهم، وكان الهدف القضاء على قدرات المرأة وإضعاف قوتها؛ بينما الحقيقة هي أن المرأة تصنع المجتمعات، والتاريخ أثبت ذلك.
بدأ زمن حرية المرأة
ولكن بدأ زمن حرية المرأة وبدأ معه كسر القيود، وتجاوزت الحواجز مع تحرير المنطقة من قبل قوات سوريا الديمقراطية التي طردت المرتزقة، لتصنع هذا النصر بمشاركة من وحدات حماية المرأة المنضوية تحت صفوف قواتها، وكان الهدف هو تحرر المرأة في المنطقة لتكون شريكة في الدرب ولتنشر فكر حرية المرأة عامةً، ولتقوم بالقضاء على الإرهاب في المنطقة، ولتنظم المرأة نفسها ضمن وحدات حماية المرأة، وفي مناطق مختلفة من الطبقة ومنبج والرقة ودير الزور، تحمل المرأة العربية السلاح وتجدها في صفوف المناضلين من شعوب شمال سوريا وفي ثورة المرأة لتحقيق الحرية والكرامة، ولتنفض عن ثيابها غبار عبودية المجتمع بتقاليده البالية، الذي قيد معصم المرأة، حيث استطاعت بقوتها ومساندة النساء من كافة الشعوب الأخرى، بأن تُطلق العنان لثورة حرية المرأة.
وبهذاا الصدد التقينا مع بعض المقاتلات العربيات في صفوف وحدات حماية المرأة، ليعرفن عن أسباب انضمامهن لصفوف وحدات حماية المرأة ولصفوف القتال إلى جانب الرجل، وكذلك في ميدان السياسة؟؟؟
وفي لقاء مع المقاتلة من مدينة دير الزور “آدار طبقة”، والتي ذكرت بأن سبب انضمامها لصفوف وحدات المرأة؛ هي الظروف التي تعيشها المرأة في المنطقة والتأثر بقصص الشهيدات والمقاتلات، وقالت: “كان تاريخ انتسابي إلى صفوف وحدات حماية المرأة في 3/3/2018م، وسبب انضمامي مثل أسباب انضمام أي امرأة عربية انتسبت إلى وحدات حماية المرأة، حيث عانينا من ظروف المجتمع المأساوية، وخاصةً أن المرأة العربية هي كبقية النساء فُرضت عليها ظروف المجتمع، رغم أنها حاولت التغلب على هذه الظروف، كما تأثرت بالشهيدات المنتسبات إلى وحدات حماية المرأة، وخصوصاً في قوات سوريا الديمقراطية، واكتسبت جدارة وتجربة، وأثبتت بأن المرأة تستطيع حمل السلاح لتخوض المعارك في الدفاع عن نفسها وعن شعبها في كل مكان”.
وتابعت آدار طبقة حديثها عن الظلم الذي واجهته المرأة في دير الزور من مرتزقة داعش ومن عادات وتقاليد المجتمع، والذي جعل منها خادمة في البيت فقط، وبأنه كان الدافع الأكبر لها للانضمام إلى صفوف ثورة المرأة، وقالت: “حينما حررت قوات سوريا الديمقراطية منطقتي، ولأنني من مدينة دير الزور، حيث عانينا مشاكل عدة منها ظلم داعش والمجتمع، لذا حاولت بانضمامي بأن أعطي نظرة عن فكر جديد لكل أمرأه عربية وهو على المرأة بأن تحمل السلاح، وأن تتعلم شيء جيد وتتحرر من دائرة الأهل والمجتمع، وأن تتحرر من السلطة الذكورية التي تكبلها وتحط من إمكاناتها”
يجب رسم لوحتنا بأنفسنا
وأضافت بأنه وخلال سيطرة داعش على دير الزور، عانت الفتيات من ظلم داعش من كافة النواحي ومنها حرمانها من العلم والمعرفة لتبقى في جهل، وكان على المرأة ألا تخرج من المنزل لتبقى خادمة، وعند تحرير قوات سوريا الديمقراطية المنطقة؛ رأينا شيئاَ مختلفاً، حيث وجدنا بأن هناك تشجيع للمرأة بأن تتعلم وتدافع عن حقوقها وعن حقوق النساء ورد الظلم الذي تعرضن له، ولفتت بالقول: “كان لانضمامي هدف معنوي، وأن المرأة بشكلٍ عام سواءً كانت عربية أو كردية أو من أي شعب، لديها قوة وعليها أن تظهرها بأي شكلٍ كان ضد الظلم، فنحن لا نريد أن تسيطر علينا العادات والتقاليد ولا حكم الأب والزوج، لهذا كان لدي الرغبة في خطو هذه الخطوة، بالانضمام إلى صفوف وحدات حماية المرأة لأكون امرأة ثورية، ولأنها أولى القوات التي تأسست لحماية المرأة في المنطقة، وكان هدفي النضال لآخر نقطة من دمي لتحقيق حرية المرأة من كافة الشعوب، ولأكسر قيود المجتمع ولأرد العدوان الخارجي عن أرضي”.
ووجهت آدار رسالة إلى كافة النساء لكي يتحررن من عادات وتقاليد العبودية وقالت: “أقول لكل امرأة عربية عانت من ظلم العادات والتقاليد وظروف المجتمع القاسية التي وضعتها تحت سقف العبودية والذهنية السلطوية، بأن تخرج قوتها وإرادتها وأن تدافع عن حقوقها وحقوق جميع النساء في المجتمع”.
وفي السياق ذاته أشارت المقاتلة في صفوف وحدات حماية المرأة من مدينة الرقة “مولفين شاردا، بأن السبب وراء انضمامها هو سبب معنوي وثوري، ونوهت قائلةً: “انضمامي لصفوف وحدات حماية المرأة كان بتاريخ 22/4/2018م، وسبب انضمامي هو معنوي وثوري، لأنه خلال فترة سيطرة مرتزقة داعش على دير الزور لفترة ثلاث سنوات لم أخرج من المنزل، ولم أستطيع أن أكمل دراستي، ولكني قرأت الكتب في تلك الفترة حتى لا أنقطع عن العلم، فكانت الدوافع المعنوية التي يجب تطبيقها على أرض الواقع، وكان الاتجاه بالنسبة لي الانضمام لصفوف وحدات المرأة، لأنني مقتنعة بأن المرأة تريد دائماً أن تنجز لوحتها بشكلٍ دائم، وتختار ألوانها بنفسها لترسم هي لوحتها”.
على النساء كسر الأغلال
وبينت مولفين شاردا خلال اللقاء المعاناة التي شكلها داعش على نساء الرقة لمنعها من الخروج من المنزل لمدة تجاوزت ثلاث سنوات، والتي استطاعت فيها أن تثبت نفسها من خلال مطالعة الكتب والانتصار على السجان، قائلةً: “المرأة يجب عليها ألا تكون في المنزل فقط، وإني عشت في مدينة الرقة في حقبة سيطرة مرتزقة داعش التي منعتني خلال ثلاث سنوات من أن أكمل دراستي فيها، ولكنني رغم ذلك حاولت أن أثبت نفسي وابتكر شيء لنفسي عن طريق الاطلاع على الكتب، وقرأت كتب الفلسفة وعلم النفس والقصص العالمية”.
واختتمت مولفين بأنه يجب على المرأة أن لا تفكر أن باستطاعة المجتمع أن يفرض سيطرته عليها، فهي تستطيع أن تقاوم بعكس ما تفرضه العادات والتقاليد الخاطئة للتخلص من وطأتها. والمرأة في منطقة الرقة ودير الزور عليها التخلص من فكرة أن المرأة هي للمنزل فقط، وعليها ألا تكون راضخة للرجل، وهي قادرة على أن تواجه من يعرقل مقاومتها، وإذا لم تقاوم هذا التسلط سيمتد عليها وعلى غيرها.
وفي السياق ذاته ذكرت إحدى المقاتلات العربيات في صفوف وحدات حماية المرأة من مدينة منبج “أمارا منبج”، موضحةً بأن الهدف من الانتساب والانضمام لصفوف وحدات حماية المرأة هو التحرر من ظلم المجتمع وتسلط الرجل وعدم المساواة بين المرأة والرجل في مجتمعها، وقالت: “تاريخ انتسابي لوحدات حماية المرأة كان في 1/3/2018م، وكان الهدف من الانضمام كهدف أي امرأة سواءً كانت عربية أو كردية هو للتحرر من ظلم المجتمع ومن سلطوية الرجل والاستبداد، والمطالبة بالمساواة مع الرجل والخلاص من العادات والتقاليد وهذا كان سبب انضمامي، والأهم بأن إرادتي سمحت لي أن أثبت نفسي كامرأة موجودة فعلياً، وليس فقط الرجل لوحده هو موجود في ساحة الحرب وفي ميدان العلم والطب والسياسة، بعكس أفكار مجتمعنا التي تقول بأن المرأة خُلقت لتكون في البيت تطبخ وتنجب فقط”.
ووجهت أمارا عبر صحيفتنا رسالة لجميع النساء اللواتي يرضخن تحت نير العبودية والعادات السلطوية بأن تخرج من نيرها وتعلن الحرية من خلال الإرادة والتصميم على تحقيق حريتها، وذكرت قائلةً: “رسالتي للنساء عامةً بأن تخرج المرأة من الأفكار التي زرعها المجتمع في فكرها، وأن يكون لديها التصميم والإصرار على الحصول على الحرية، لأنه لا فرق بين الرجل والمرأة، فالمرأة تستطيع أن تحمل السلاح وتستطيع أن تدخل ميدان السياسة، وعلى النساء أن يمتلكن الشجاعة للانضمام إلى صفوف وحدات حماية المرأة، وعليها أن تجد نفسها وتثبت ذاتها”.