تتخوَّف 2574 عائلة من مهجري سري كانيه، والقاطنين في مخيم سري كانيه “الطلائع”، شرق مدينة الحسكة، من تأزُّم أوضاعهم المعيشية والحياتية مع اقتراب فصل الشتاء.
يحوي مخيم سري كانيه ما يقرب الثلاثة آلاف خيمة، والتي لم يتم استبدالها منذ تأسيس المخيم، حيث يسكن في العديد من هذه الخيم أكثر من عائلة، فيما يعانون من نقص الدعم وغياب المنظمات الإنسانية الدولية وعدم اهتمامها بشؤونهم، في حين تقوم الإدارة الذاتية الديمقراطية بمساعدة المهجرين، ويعتمد قاطنو المخيم على المساعدات المقدمة من منظمات محلية وجمعيات خيرية، والتي لا توفر لهم احتياجاتهم بشكل كامل، فيما يطالبون بتبديل خيامهم لتفادي حلول كارثة إنسانية جديدة مع حلول فصل الشتاء.
واقع المخيم
وأُسِّس مخيم سري كانيه من الإدارة الذاتية في نهاية عام 2019، بعد أن احتلت تركيا مدينة سري كانيه، ويضم المخيم في الوقت الحالي 2574 عائلة، ويبلغ عدد الأفراد فيه 15818 بينهم 7228 رجلا، و8530 امرأة، ويعيشون في 2997 خيمة، ويبلغ عدد المصابين بالأمراض المزمنة 446 شخصا، و471 من ذوي الاحتياجات الخاصة، وينقسم إلى قسمين: قسم تم تأسيسه عام 2019، والقسم الآخر هو توسعة للمخيم، تم تجهيزه بعد هجمات جيش الاحتلال التركي على مناطق زركان (أبو راسين).
فتبديل الخيم القديمة المهترئة من الأساسيات التي يهذي بها المهجرون، تزامناً مع اقتراب البرد والأمطار، بالإضافة لتأمين الأثاث التابع للخيمة من أغطية وإسفنج، حيث أصبح هناك تخوف كبير من المهجرين من افتقاد هذه الأمور الأساسية، التي بفقدانها تزداد المعاناة والقلق النفسي وتصبح الحياة معقدةً أكثر.
ومن ناحية الاهتمام بالوضع التعليمي، تقوم هيئة التربية والتعليم في مدينة الحسكة التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية بتوزيع الكتب المدرسية على الطلاب، ويوجد ثلاث مدارس رسمية في المخيم، لكن تفتقر لبعض الخدمات منها الترميم وتوفير مياه الشرب وصيانة دورات المياه.
أما الوضع الصحي في المخيم؛ فإنه في أسوأ حالاته، فيعاني نقصاً كبيراً في العلاجات وخاصة أدوية الأمراض المزمنة، وذلك بسبب عدم التزام أي منظمة صحية بتوفير الخدمات العلاجية للمهجرين، وغياب منظمة الصحة العالمية التي كانت تقوم بواجباتها تجاه ذلك، كما يوجد نقص في سيارات الإسعاف لنقل الحالات المرضية الحرجة للمشافي، حيث تتوفر سيارة إسعاف واحدة ولا تفي بالحاجة.
خيمة مشرعة للسماء
ويعيش المهجر “جمال عبيد” مع عائلته المؤلفة من طفلين وزوجته في خيمة بلا سقف، حيث بيَّن واقعهم المعيشي في المخيم مؤكداً، أنَّهم منذ سنتين وهم بلا بطاقة، هذه البطاقة التي يتم تسليمهم بموجبها خيمة والمواد الغذائية والمستحقات التي يقتضيها المهجرون، فقال عبيد: “في كل مرة أذهب لإدارة المخيم أطالب بحقوقي وأرجع خالي الوفاق”.
وأوضح، أنه ذهب مراراً وتكراراً إلى إدارة المخيم مطالباً بمنحه خيمة على الأقل ولكن دون جدوى، حيث هناك عشرون عائلة ممن يقطنون بجانب عبيد، يعانون الأمر نفسه، وقال أنَّهم في كل مرة تذهب نساؤهم إلى إدارة المخيم، فيعدن خائبات بعد طردهن من الإدارة.
اثنا عشر شخصاً في خيمة واحدة وبسلة غذائية واحدة
ومن جهتها؛ وصفت “هيام إبراهيم عوض” المعاناة التي تعرضت لها هي، وعائلة زوجها المؤلفة من 12 شخصاً، أثناء خروجهم من مدينة سري كانيه، حيث قُصفَت منازلهم بشكل مفاجئ، فسكنت هذه العائلة في غرفة واحدة في بلدة تل عرفان مدة عشرين يوماً، بعد نزوحهم قسراً من سري كانيه، وقالت: إنَّهم عانوا أصعب الظروف في تلك الفترة، وكانوا يشترون احتياجاتهم من مأكل ومشرب بأقل الإمكانات.
وبعد مجيئهم إلى مخيم سري كانيه لم تحصل العائلة إلا على خيمة واحدة فقط، مع العلم أنهم عائلتان، وقالت: إنهم راجعوا إدارة المخيم عدة مرات مطالبين بتأمين خيمة واحدة تأويهم، وبطاقة لاستلام المواد الغذائية والمنظفات ومستلزمات الأطفال من الملابس وغيرها، ولكن لم يستجب لهم أحد.
كما بينت هيام، أنَّ العائلة المكونة من 12 شخصاً، تعتمد على بطاقة واحدة لاستلام المستحقات، مع العلم أنَّ المواد التي تُمنَح لا تكفي لنصف عدد هذه العائلة، وقالت أنَّهم يعانون بشكل دائم من نقص الخبز، ما يجبرهم على شراء الخبز الحر (خبز الصاج) الذي يتم خبزه في المخيم وبيعه بسعر (1000) ليرة سورية على المهجرين، وإنه يحتاج الشخص على الأقل إلى أربع أرغفة في اليوم، ناهيك عن شرائهم المواد الغذائية.
وكان مطلب وحلم هيام بسيطاً جداً: “أتمنى أن أحصل على خيمة فقط تأويني أنا وأطفالي، ليخف عنا ألم ومعاناة التهجير، فهناك عناء كبير مخفي في خيمة تحتضن اثنا عشر شخصاً”.
ضرورة توفر مستلزمات العيش في المخيم
والمشكلة الأساسية هي وجود أكثر من عائلة في خيمة واحدة، وتوجد العشرات من هذه الحالة في المخيم، وذلك بسبب عدم توفر مساحة فيه، ناهيك عن اهتراء أغلب الخيم وتمزقها وعدم إيوائها العوائل بشكل مأهول، وبشكل خاص مع اقتراب فصل الشتاء وموسم الأمطار.
فالمخيم بحاجة ماسة لتبديل الخيم، أو إجراء صيانة لها مع مستلزمات الخيمة بشكل عام، مثل الإسفنج، والبطانيات، والمخدات، والفرش، وبحاجة أيضا إلى حجر مكسر في المخيم، تجنباً لتشكيل الطين في فصل الشتاء، وصعوبة التنقل ووصول السيارات إلى الخيم، تحسباً لأي حالة طارئة.
بالإضافة لفتح غرفة عمليات للتنسيق ضمن المخيم وإحالة الحالات الباردة إلى المشافي المختصة، وبشكل خاص حالات الولادة (عمليات قيصرية)، ورعاية الطفل والأم وتقديم سلة دعم خاصة للحوامل، بالإضافة لفتح مخبر خاص بالمخيم للتحاليل، وفتح نقطة عزل خاصة للأمراض المنتشرة.
فيما وجبت الحاجة لتركيب كاميرات وإنارة للشوارع للحد من السرقات، وإنشاء مركز تعليمي يدعم التدريب المهني لليافعين، كما يجب دعم المدارس الرسمية الموجودة في المخيم بمستلزماتها، وهناك حاجة لفتح روضات للأطفال، علماً أنَّه لا يوجد أي روضة في المخيم.
فيما أكدت الرئيسة المشتركة لمخيم سري كانيه “سلوى ججو“، في ختام حديثها، بأنه يوجد في المخيم آبار، ولكن مياهها غير صالحة للشرب، لذلك يفضَّل إنشاء مركز للتحلية، لتخفيف العبء والضغط عن مدينة الحسكة في ظل معاناتها من نقص مياه الشرب أيضاً.