من أحضان جبال “أمانوس وكلي زيلان”، عرف حب الوطن وعشق كردستان؛ بدءاً من الجزيرة وصولاً إلى عفرين، بمقاومته ونضاله، فترك خلفه طيلة هذه الأعوام، قصة بطولية فدائية جعلت كل من يعرفه يعشق الحياة والحرية.
فالقيادة خلقت للأشخاص الذين لا يهابون الموت، ويعشقون الحياة، الوطن والحرية، المناضل الكردي “كاركر تولهدان“، الشخصية المثالية الذي حمل اسم “القائد الفدائي”، قائد مقاومة العصر، الذي ضحى بروحه في سبيل الوطن.
سيرته الذاتية
ولد “رضوان أولوكانا”، والذي يُعرف باسم كاركر تولهدان، عام 1988 في محافظة بدليس بشمال كردستان، وعاش في كنف عائلة وطنية قدمت تضحيات جسيمة على درب حرية كردستان، وقد كبر وتعاظم مع الملاحم البطولية، التي سطرها مقاومو “آكري، وكلي زيلان”، وبناءً عليه انضم إلى صفوف الثورة انتقاماً للمجازر، التي ارتكبت بحق الشعوب، فيما ارتقى شهيداً في العاشر من حزيران عام 2023 بمقاطعة عفرين أثناء مشاركته في مقاومة العصر بمرحلتها الثانية.
وقد تعرف القائد الفدائي “كاركر تولهلدان”، على فلسفة الحرية في جبال كردستان، وتعلم حب الوطن وفلسفة الديمقراطية وحب الرفاقية، لأنه لن يتحمل الإبادات، التي كانت تمارس ضد الشعب الكردي، فالتحق بصفوت وحدات حماية الشعب” الكريلا”، ولم يكن هدفه حماية الكرد وأهالي منطقته فقط، بل كان هدفه حماية الشعوب المضطهدة كافة، ومن أجل محاربة الظلم والاستبداد اللذين كانا يمارسان ضد الشعوب، وعندما اندلعت ثورة روج آفا وباتت مناطقها تتعرض للقصف والإبادة، سارع للوقوف إلى جانب شعوبها، ليكن أول من يحارب الاحتلال التركي في المنطقة.
وكان له الدور الكبير بمحاربة مرتزقة داعش الإرهابية في العديد من مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، وخاصةً، ضمن المناطق المحررة مثل الرقة وغيرها، فوقوف المناضل “كاركر تولهدان”، إلى جانب أهالي الرقة، ومحاربته مرتزقة داعش الإرهابية، أثبت كل ذلك شجاعته الخالدة، وبسبب معاناة أهالي مناطق إقليم شمال وشرق سوريا طيلة أعوام ثورة روج آفا، من سياسات الإبادة، والتي لا تزال تمارس ضدهم، حارب المناضل “كاركر تولهلدان”، ضمن الجبهات الأمامية بكل منطقة تعرضت للهجوم والقصف التركي.
مقاومته في عفرين
تعد مدنية عفرين في إقليم شمال وشرق سوريا أبعد من المناطق الأخرى بحسب جغرافيتها، وقد تعرضت للحصار من المجموعات المرتزقة وحكومة دمشق، كما تتعرض للقصف والانتهاكات من المحتل التركي منذ بداية ثورة روج آفا، فقد قاوم أهلها الصعوبات لإفشال مخططات العدو.
وقد كان المناضل “تولهلدان” محبوباً لدى أهالي عفرين “صغاراً وكباراً”، فلن يفرق يوماً بين القوات العسكرية والأهالي، ولأنه كان يعدُّ نفسه من أحد أبناء عفرين، ساهم بنشر حب الرفاقية بين القوات العسكرية هناك، وأثناء الهجوم الفاشي على أراضي عفرين عام 2018، توجه إلى جبهات القتال للدفاع عنها، وبالرغم من أنه كان قائداً عسكرياً في عفرين، حارب في الجبهات، وحقق انتصارات كبيرة ضد مرتزقة داعش والاحتلال التركي.
وبعد التهجير القسري لأهالي عفرين إلى منطقة الشهباء، وقف المناضل “كاركر تولهلدان” إلى جانب أهلها لحظة بلحظة، وتحمل المعاناة التي تحملها الأهالي خلال أصعب الظروف والأوضاع، وكان له الدور الكبير في تنظيم الأهالي في الشهباء، ولأن تحرير عفرين كان من أولويات أهدافه، أصبح من المؤسسيين لقوات تحرير عفرين، تلك القوة التي زرعت الخوف في قلوب العدو المتواجد في أراضي عفرين آنذاك، فالانتهاكات التي كانت تمارس بحق أهالي عفرين وجغرافيتها من المحتل التركي، كانت تزيده عزيمة وإصراراً لتنفيذ العمليات العسكرية ضد قواعد الاحتلال والمرتزقة.
تحرير عفرين كان من أولى أهدافه
من أجل تحرير عفرين من رجس الإرهاب وعودة الأهالي إلى أراضيهم، كافح المناضل “كاركر تولهلدان”، ضد سياسات الاحتلال، لهذا كان من أول الشخصيات المستهدفة بلائحة الاحتلال، ولأنهم لن يستطيعوا الوصول إليه عبر هجماتهم، لجؤوا إلى طرق أخرى للوصول إليه، واستشهاده بيد الغدر والخيانة، وليحاول المحتل كسر إرادة الشعب، الذي عشق الحياة والمقاومة لوجود أشخاص أمثال المناضل كاركر تولهلدان؛ ذلك القائد الذي وعد الشعب بتحرير مدينتهم، وإفشال مخططات المحتل التركي.
وعرف “كاركر تولهلدان”، بقائدٍ، قد زرع عشق الوطن والحياة في قلب كل من عرفه، فهل تستطيع دولة محتلة مثل تركيا إبعاد المناضلين عن أهداف القيادة؟ الشعب الذي عشق الحياة والحرية سيستمر بالسير على أهداف المناضلين بعد استشهادهم، وأهالي عفرين وقوات تحرير عفرين سيستمرون بمقاومتهم بعد استشهاده، انتقاماً لدمه، ودم الآلاف من رفاقه الذين استشهدوا في سبيل الوصول إلى الحرية والعيش بكرامة وديمقراطية.
فالكثير من الأبطال ذهبوا إلى جبال كردستان، تلك الجبال التي تفوح منها رائحة الحرية والديمقراطية، الذي نشرهما القائد “عبد الله أوجلان”، فأصبحت الجبال مدرسة، تخرج منها أبطال يهابهم الموت، ويحاربون الظلم، ويزرعون الحرية بين الشعوب، فكيف لدولة محتلة مثل تركيا، أن تتمكن من إنهاء فكر حر وفلسفة الديمقراطية، وكيف لها أن تكسر إرادة مناضلين متواجدين على هذا الأرض للدفاع عن حقوق أهلها، وكيف لهم أن يكسروا إرادة أمهات تمسح دموعها بيدٍ، وترفع شارة النصر بيدٍ أخرى، فأين سيذهب كل هذا الحقد والكره ضد العدو؟
فـ “المقاومة حياة” شعارٌ يسرده أهالي عفرين في ظل الظروف الصعبة، وبشعارهم هذا، هم لائقون بالسير على خطا أبنائهم الشهداء، ومنهم قائد تأسيس قوات تحرير عفرين “كاركر تولهلدان”، ولائقين بالوقوف إلى جانب قواتهم، فبمقاومة الأهالي والقوات ستتحرر كل منطقة محتلة نهبها الاحتلال، وتسبب بتهجير سكانها، وهذه هي رسالة الشعب والقوات العسكرية لمن يسعى إلى استهدافهم، بأن لا خروج من مقاطعة عفرين والشهباء حتى العودة إلى أحضانها، وتحقيق أهداف قائد مقاومة العصر “كاركر تولهلدان”.