أكدت الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم، لمقاطعة عفرين والشهباء، “هناء كالو”، بأنهم على الرغم من الصعوبات واستمرار الحصار والهجمات على مقاطعة الشهباء، باشروا بالعام الدراسي 2024 ـ 2025، بإصرار من الطلبة، والكادر التدريسي، مشيرةً، إلى أنهم سينهون عاماً آخر بالنجاح المستمر منذ ستة أعوام.
على الرغم من استمرار الهجمات، والحصار الحكومي، فتحت هيئة التربية والتعليم لمقاطعة عفرين والشهباء، أبواب المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد 2024 ـ 2025، وذلك في تحد للظروف والعوائق، وإصرار الطلبة والكادر التدريسي على متابعة مسيرة التعلم باللغة الأم وحمايتها من الإبادة في ظل ظروف التهجير القسري والتهديدات المستمرة.
فكيف استقبلت هيئة التربية والتعليم العام الجديد، وما أبرز مشاريعها، وما العوائق، التي واجهتها، كل هذه الأسئلة حصلنا على أجوبتها، في حوار خاص لصحيفتنا “روناهي”، مع الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم، لمقاطعة عفرين والشهباء “هناء كالو”.
ـ كيف تستعدون لاستقبال العام الدراسي الجديد؟
بكل تأكيد، إن حماية اللغة والحفاظ عليها لأي مجتمع كان، تعد حماية هويته وثقافته من الاندثار والضياع، وما حققته ثورة اللغة الأم في شمال وشرق سوريا، بالتزامن مع انطلاقة الثورة، يعد أحد أهم المكتسبات التي تحققت.
وعلى هذا الأساس، استعدت هيئة التربية والتعليم، لمقاطعة عفرين والشهباء، لاستقبال العام الدراسي 2024 ـ 2025، فبكل تأكيد كان في العام المنصرم العديد من العوائق والصعوبات، وهذا يعود لعدة أسباب أساسية، من أهمها وضع المنطقة وما نمر به من ظروف صعبة، لكن حاولنا قدر الإمكان، وحسب الإمكانات والظروف الضئيلة المتوفرة لدينا، بوضع هذه الإمكانات في خدمة سيرورة العملية التعليمية.
طبعاً، إن ظروف التعليم في منطقتنا، تختلف عن المناطق الأخرى، نظراً لوضع المنطقة وظروف التهجير، فأغلب المدارس التي كانت تدرس فيها، كانت قد دُمِّرت معظمها، بفعل الصراعات والحروب المسبقة التي دارت على جغرافية المنطقة، وأن العديد منها كانت قد تحولت أثناء سيطرة المجموعات المرتزقة على المنطقة، إلى نقاط عسكرية وسجن ومعاقل للتعذيب.
ومن جانب آخر، كان للزلزال المدمر الذي حدث، دور كبير في إضافة معاناة أخرى على ما نعيشه ونشهده، من تأثير وتدمير أغلب المدارس في المقاطعة، والتي أُجبرنا حينها إلى وضع خيم بديلة عن المدارس، وطبعاً الدراسة في المخيمات صعبة جداً.
لذلك، سعينا نحن في هيئة التربية والتعليم لمقاطعة عفرين والشهباء، وناطقين وناطقات المدارس في النواحي والبلدات، إلى إيلاء أهمية كبيرة، بالعمل على ترميم المدارس، عن طريق إصلاح الأبواب والنوافذ المكسورة، ودهان الجدران والرسم عليها، لتكون وسيلة لتشجع الطالب على الدراسة؛ لأن حقيقة الجو المحيط بالطالب يؤثر بشكل كبير على نفسيته ومدى تشجيعه للدراسة.
وإلى جانب ذلك، كانت هنالك عدة مدارس، لم تكن مبانيها مدارس، إنما منازل أو غرف صغيرة، فجُبرنا إلى التعليم فيها، لعدم وجود أماكن، وخاصة كانت هنالك مدرسة في ناحية فافين، لم تكن أبدا مكانا ملائماً للدراسة، فحاولنا قدر الإمكان خلال هذا العام، أن نضم هذه النقاط إلى المدارس الكبيرة. وبعد ذلك، أصبح العدد الكلي للمدارس المستعدة خلال العام 2024 ـ 2025 “61 مدرسة” في ناحية شيراوا، وتل رفعت، وأحرص، وأحداث، وتل قراح وفافين، بالإضافة إلى المخيمات، فيما بلغ عدد الطلبة المسجلين إلى حد اللحظة ما يقارب 13 ألف طالب وطالبة.
-هل كانت لديكم برامج بهدف تطوير العملية التعليمية والارتقاء بواقع الطلبة والكادر التدريسي؟
طبعاً، ضمن مناهج الإدارة الذاتية في عموم مدارس إقليم شمال وشرق سوريا، خلال العام المنصرم، تم تطبيق نظام التقييم، وهو يعد نموذجاً جديداً، ويطبق لأول مرة في مدارسنا، على الرغم من أن الطلبة واجهوا صعوبات في بداياته، إلا أنه مع مرور الوقت وصل إلى قناعة بأنه نظام حديث يخدم الطالب، لأنه يهدف بالدرجة الأولى إلى بناء شخصية الطالب، والابتعاد عن أسلوب الحفظ.
إن نظام التقييم لم يكن جديداً على الطلبة فقط، إنما على المعلمين والمعلمات أيضاً، فهو يعزز شعور المسؤولية والمتابعة بشكل أكبر لديهم، أي بمعنى على المعلم، أو المعلمة أن يتابع وضع طلابه، ليس فقط أن يلقي الدرس ويذهب، كما أنه تم تنظيم دورات أكاديمية خاصة للكادر التدريسي خلال العطلة المدرسية، إلى جانب ذلك، التدريب على النظام الداخلي، والتعليم في الأمة الديمقراطية، والواجبات الملقاة على عاتق المعلمين والمعلمات، وذلك عن طريق محاضرات ودروس في أماكن وأوقات متفرقة.
كما أنه ستكون إحدى الخطوات الهامة التي سيتم تطبيقها خلال هذا العام، هو تفعيل مجلس عوائل الطلبة، وذلك بهدف تكريس وتعزيز نظام التقييم بشكل أكبر، وكي لا يكون دور التدريب ومتابعة وضع الطالب ملقاة على عاتق المدرس فقط، إنما ليكون الأهل محط متابعة لوضع أطفالهم، وسيتم اللقاء بذوي الطلبة عن طريق اجتماعات دورية ونقاشات تتضمن نقداً ومقترحات من شأنها أن تحسن الواقع التعليمي، وأن تكون في خدمة تجاوز التقصيرات وتطوير التعليم.
ـ على الرغم من استمرار الهجمات والحصار، أنتم بصدد استقبال عام دراسي جديد، كيف تقيمون ذلك؟
نعم، حقيقة تركنا خلفنا أكثر من ستة أعوام من التهجير القسري، فخلال هذا العام هناك طلبة في الصف الأول من المرحلة الابتدائية، هم أطفال ولدوا في التهجير، واليوم أصبحوا يستعدون لبدء مرحلتهم الدراسية، كما أن هنالك العديد من الطلبة تخرجوا على الرغم من كل العوائق واليوم أصبحوا معلمين ومعلمات ويبذلون الجهود في إتمام التعليم لأجيال أخرى، هذه ليست قصص خيالية، إنما واقع من تحد ومقاومة كبيرة.
فالبدء في كل عام بروح عالية، وإصرار كبير على التعلم باللغة الأم، هذه وحدها مقاومة، على الرغم من أن المدارس في بداية استعدادها، إلا أن الروح التي بدأ بها الطلاب، وإعلاء أصواتهم في ساعات الصباح بـ “أي رقيب”، إن ذلك وحده يشعر المرء مدى حلاوة التعلم باللغة الأم، بعيدا عن كل ما ذاقته الأجيال التي سبقتهم من إجبار عن التكلم بغير لغتهم الأم.
فحقيقة على الرغم من العديد من المخاوف، نتيجة استمرار هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته على المنطقة، وخاصة في المدارس التي تقع في قرى ناحيتي شيراوا وتل رفعت، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، المدارس امتلأت بالطلبة، وفي وجوههم بريق الإصرار والتحدي على الرغم من كل الظروف، وأمل بأنهم سيكونون الغد المشرق وأمل المجتمع.
ـ ما العوائق والصعوبات التي تواجهكم؟
دون أدنى شك، العاملان الرئيسيان في الصعوبات التي تواجهنا هي الهجمات واستمرار الحصار، فنتيجة الحصار الحكومي على المنطقة يتأثر القطاع التعليمي من ناحية تأمين المواصلات للطلبة، وتأمين التدفئة، إلى جانب الصعوبات في تأمين الكتب، لأن وضع المنطقة وكما يعرف لا يوجد فيها مطبعة يمكنها أن تطبع الكتب، والحواجز التابعة لحكومة دمشق تمنع دخول الكتب الدراسية إلى المقاطعة.
فمثلاً، خلال العام الدراسي الفائت، تم إضافة بعد التعديلات إلى منهاج الصف الأول والرابع الابتدائي، والأول الإعدادي والثالث الثانوي، إلا أننا لم نتمكن من تأمين الكتب من النسخ المعدلة بسبب منع دخولها، لذلك اضطرنا إلى إعطاء المنهاج بحسب المعلومات المتواجدة، عن طريق كتابة الطالب لهذه المعلومات على دفتره، لكن عدم وجود النص على كتاب بين أيدي الطالب، يشكل نوعا من الملل أو عدم الشغف للبحث عن المعلومة أو قراءتها. كما أننا في كل عام دراسي جديد، ونظراً للوضع المادي وظروف المنطقة، نوزع القرطاسية على الطلبة، إلا أنه خلال هذا العام، ولحد هذه اللحظة لم نتمكن من توزيعها، بسبب صعوبة إدخالها إلى المنطقة، كما أننا لم نفرض التقيد باللباس الموحد للطلبة، بسبب الوضع المعيشي للأهالي من جانب، ومن جانب آخر عدم توفير اللباس بسبب منع دخوله من جهة، وعدم وجود ورشات خاصة لخياطته.
ـ هل معهد الشهيدة فيان أمارا مستعد لعامه الدراسي الجديد؟
يعد معهد الشهيدة فيان أمارا، المعهد الوحيد في المقاطعة، والذي تحول من سجن ومعتقل أثناء سيطرة داعش، إلى صرح علمي يخرج الأجيال، حيث يحوي أقسام “معلم الصف، واللغة والأدب الكردي، والرياضيات، والفيزياء والكيمياء، واللغة الإنكليزية”، بالإضافة إلى المعهد الصحي، وخرج خلال العام المنصرم 57 طالباً وطالبة وتم توزيعهم على المدراس للبدء بالتدريس.
سيبدأ معهد الشهيدة فيان أمارا، عامه الدراسي الجديد 2024 ـ 2025، بفتح أبوابه أمام الطلبة في شهر تشرين الأول من العام الجاري، بتسجيل 200 طالب وطالبة لحد اللحظة. وكان أحد مشاريعنا لهذا العام، هو افتتاح فرع الرياضيات في المعهد، وتم تنفيذ ذلك، وسجل فيه عدد جيد من الطلبة أسماءهم.
والجدير ذكره، بأن هيئة التربية والتعليم، لمقاطعة عفرين والشهباء، على مدار أكثر من سبعة أعوام من التهجير القسري، تبذل الجهود، لتأمين ظروف التعليم باللغة الأم للطلبة، وكان أحد مكتسباتها افتتاح معهد “الشهيدة فيان أمارا”، رغم قلة الإمكانات، وتخريج العديد من الدفعات منها، بهدف إنشاء كوادر تعليمية.