لتعزيز مفهوم الإيكولوجيا الاجتماعية، حملة “من كل بذرة شجرة” تحقق خطوات ملموسة بتجهيز عدة مشاتل لزراعة بذور الأشجار على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا.
بمساهمةٍ منها في تمتين الزراعة واستمراريتها، أطلقت جمعية الجدائل الخضراء بإقليم شمال وشرق سوريا حملة “من كل بذرة شجرة” بتاريخ الرابع من أيلول الجاري، بهدف زيادة الوعي البيئي بين المجتمعات المحلية، وتسعى الجمعية من خلال الحملة إلى تشجيع المواطنين على زراعة النباتات المحلية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتعزيز الأمن الغذائي.
لا يخفى على أحد حالة التدهور البيئي في مناطقنا، والحاجة المُلِحة لتحمل كل فرد مسؤوليته اتجاهها، فمن خلال هذه الحملة يتم توعية المجتمعات بأهمية الزراعة العضوية وضرورة حماية البيئة، مما يُسهِم في تحسين الظروف المعيشية وتعزيز الروابط المجتمعية، وتمَّ تجهيز عدة مشاتل في مقاطعتي الجزيرة والفرات لزراعة البذور التي يتم جمعها.
هدف الحملة الحفاظ على التوازن البيئي
وبحسب العضوة في القسم النسوي في جمعية الجدائل الخضراء “ستيرك عفرين”؛ فإنَّ الحملة انطلقت بتاريخ 4/9/2024 ومستمرة لغاية أواخر شهر تشرين الثاني من العام الحالي، واستهدفت جميع مناطق إقليم شمال وشرق سوريا بغرض نشر فكرة الزراعة المستدامة التي تعتمد على الوعي المجتمعي البيئي.
وأكَّدت على أنَّ زيادة الغطاء النباتي يساعد في تقليل التلوث وتحسين جودة الهواء، من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأوكسجين، كما أن الأشجار تلعب دوراً حيوياً في مكافحة تغير المناخ، من خلال تخزين الكربون وتقليل تأثيرات الاحتباس الحراري، مما يعزز التنوع البيولوجي ويُساهم في استدامة النظم البيئية.
ومن جهةٍ أخرى بينت ستيرك: “إن هدفنا الأساسي من هذه الحملة هو تعزيز روح المسؤولية الجماعية وتأكيداً على مفهوم الإيكولوجيا الاجتماعية والحفاظ على الأنواع المحلية الأصيلة من النباتات”.
المناطق التي استهدفتها الحملة
وأشارت ستيرك إلى أنَّ الحملة قد استهدفت جميع مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، لتعزيز الغطاء النباتي وزيادة المساحات الخضراء من خلال إنتاج الأغراس، ويعتمد موعد الزراعة على نوعية الأشجار والبذور، قسم منها سيتم زراعته في بداية شهر تشرين الأول، والقسم الآخر في شهر شباط.
أصناف البذور وموعد زراعتها
بالنسبة لأصناف البذور التي تم جمعها، بيَّنت ستيرك أنها من جميع أنواع الأشجار والشجيرات المتوفرة في المنطقة، منها السرو والصنوبر والتين والفستق الحلبي وجميع الأشجار المثمرة والأشجار التي تقلل الانبعاثات الحرارية، وتؤمن ظلاً للإنسان والحيوان، ويمكن الاستفادة منها في الوقت نفسه على المستوى الغذائي في المنطقة.
أما حول طريقة زراعة البذور؛ أوضحت ستيرك أنَّه تمَّ تجهيز عدة مشاتل، فهناك مشتلين في مدينة قامشلو أحدهما في جامعة روج آفا، ومشتل في مدينة تربه سبيه، ومشاتل في مناطق بمقاطعة الفرات.
عوامل التدهور البيئي في المنطقة
تحدَّثت ستيرك عن عدة عوائق مرَّت بطريق عمل حملتهم: “الهجمات المتكررة على محطات المياه والكهرباء من الاحتلال التركي أدَّت إلى انقطاع كامل للكهرباء وإمدادات المياه عن أغلب مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، ومنذ احتلال التركي لأجزاء من المنطقة، تعمد سلطات الاحتلال إلى تخريب البيئة وحرق الأشجار، بهدف التغير الديمغرافي وتهجير السكان الأصليين، كما تفعله الآن في منطقة عفرين المحتلة”.
كما تطرَّقت إلى ذكر عوامل سابقة أدت إلى عدم الاهتمام بالبيئة: “كما لسياسة التهميش الممنهجة وفرض الزراعة الأحادية التي مورست لسنوات عدة من قبل حكومة دمشق، أثرت بشكلٍ كبير على عادات وتقاليد المجتمع من الناحية الإيكولوجية، واهتمامهم بالأشجار والنباتات وكيفية زراعتها، لذلك نواجه صعوبة في تغير هذه الذهنية وإقناع المجتمع بأن المشكلة البيئية هي قضية مجتمعية ذهنية، ونحن بممارساتنا اليومية واحتكاكنا اليومي مع الطبيعة نحدد مستقبلنا، وبقدر فهمنا واحترامنا للطبيعة والبيئة سنأخذ منها ما يفيدنا”.
وأكَّدت أنَّ قطع مياه نهر الفرات عن مناطق إقليم شمال وشرق سوريا إلى أقل من النصف، وتجفيف العديد من الأنهار من قبل الاحتلال التركي، والضربات المتكررة التي تستهدف البنى التحتية، كان لها تأثيراً مباشراً على البيئة وقلة الغطاء النباتي فيها والمساحات المزروعة.
فيما نوهت ستيرك إلى: “بالرغم من كل الصعوبات والتحديات التي تم ذكرها، نحن في جمعية الجدائل الخضراء البيئية نؤمن بقوة وإرادة المجتمع، وقدرته على تحسين الواقع المعاش، من خلال عمل أي مساحة خضراء والإيمان بأن كل بذرة يمكن أن تكون شجرة، وكل شجرة يمكن أن تكون خطوة نحو بيئة أكثر صحة واستدامة”.
ودعت العضوة في القسم النسوي في جمعية الجدائل الخضراء “ستيرك عفرين” في ختام حديثها، الأهالي في إقليم شمال وشرق سوريا للانضمام إليهم في هذه الحملة، ليجعلوا من كل بذرة شجرة.